Friday 06/12/2013 Issue 15044 الجمعة 02 صفر 1435 العدد

قصة قصيرة

صياد

لحظات صفاء مع النفس تدفعه لممارسة هواية طالما أحبها وتملكته، يأخذ صنارته، ويذهب بعيداً، حيث الميناء القديم الذي طالما لعب فيه صغيراً، وترعرع فيه حبه شاباً. يجلس على حافة الرصيف، يفصله عن هيكل السفينة العتيقة المكان المفضل للأسماك، حيث تخرج عند سطح الماء، وشمس الأصيل تنشر أشعتها الذهبية؛ لترسم لوحة رائعة في الماء والأجواء. يلقم صنارته، يلقيها، يطير بخياله، يحدثه.. الحبيبة وعِشقنا.. كنا هنا يوماً نمرح، نجري، نسافر، حيث شمس الغروب. هنا نمسك معاً صنارة واحدة طالما خدعت حبيبتي، ووضعت فيها ثقلاً، وكأن القادم سمكة، نضحك. ما زلت أتذكر القبلة الأولى وخصامها لي أسبوعاً، أتذكر حين تركب خلفي على الدراجة، تحتضن قلبي بيديها، وأهزها حتى تتمسك أكثر. ما أروعها صاحبة العيون الآسرة، التي تحمل لون الماء الصافي وزرقة سماء الحب. ذهابنا معاً، غدونا سوياً، وكيف كنت أراقبها عند المدرسة تحضن كتبها، تراني، تحضنها عيناي أكثر، تفهم لغة العيون، فهي مُنشئة لغة حروفها، حرفان فقط بينهما كل الحياة. تخرجنا معاً، عملنا في المكان نفسه، ما أحلى العودة لخيال طالما أعشقه مع تلك الذكريات المستمرة.

يخرج من تلك الحالة حين يشعر بقوة الجذب في الماء، يرفع الصنارة، سمكة، ثم سمكة، وسمكة، كلها صغيرة، أعادها للماء، ومرة أخرى زادت القوة في الماء. تمسك بكلتا يديه، يرفع لأعلى، ما زال الحمل ثقيلاً، أخرجها بصعوبة، إنها السمكة الحُلم، أزال من رأسها الثقل حين هم بوضعها في السلة، تلاقت عيونهما، تخيلها تبكي، بالفعل تبكي، ما هذا؟؟!! تحتها ما زال يعلق بها الكثير من البيض، ألقاها وعاد إليها.

- محمد يوسف