Tuesday 10/12/2013 Issue 15048 الثلاثاء 06 صفر 1435 العدد
10-12-2013

قط ... وسفينة

من الصور القديمة الموجودة على الإنترنت صورة وينستون شيرشل رئيس الوزراء البريطاني وقت الحرب العالمية الثانية على البارجة الحربية المسمّاة «أمير ويلز» وهو يربّت على بلاكي، وبلاكي اسم قط تلك السفينة. هل يبدو هذا غريباً؟ ليس غريباً أبداً! كانت السفن تحمل على متنها قططاً لعدة أسباب أولها أن تنظف السفن من الجرذان والفئران، خاصة وأن السفن في السابق كانت تعتمد في بنائها وإبحارها على الحبال والخشب وهذه تأكلها تلك القوارض، وكذلك فالسفينة إذا حَمَلَت مؤن البحارة من طعام فإن هذه الأطعمة هدف مُغري لتلك الآفات الحيوانية، وإضافة إلى هذا إذا كانت السفينة تنقل حمولة من طعام كجزء من حمولتها لأغراض التجارة حينها فإن الجرذان تسبب أضراراً مادية جسيمة، لهذا أتت القطط وأنقذت تلك الشحنات والتي اعتمدت عليها بعض الدول كجزء من اقتصادها، وليست السفن التجارية فقط بل حتى الحربية -مثل البارجة المذكورة في الأعلى- كانت تحمل قططاً، وكان القط يؤدي دوره الطبيعي عملاً بفطرته في ملاحقة تلك الآفات الحيوانية، غير أن أحد تلك القطط كانت له قصة غريبة، ألا وهو القط سام.

«سام غير القابل للغرق»، هذه كنية أحد مشاهير القطط الذي تحدى الصعاب مرة تلو الأخرى وقهرها كلها! سام كان قط سفينة، وحَمَلَته السفن الحربية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، أولها سفينة بسمارك الحربية الكبيرة والتي خاضت عام 1941م أول وآخر معركة لها مع قوة بريطانية لمنع الحلفاء (ومنهم بريطانيا) من إدخال المؤن إلى بريطانيا، وبعد صراعٍ عنيف أُغرِقت السفينة وقُتِل معظم طاقمها، لم ينجُ منهم إلا 118 رجلاً مِن أكثر من 2200 كانوا عليها، وبعدها بعدة ساعات شوهِد سام في البحر وهو على ظهر لوحٍ خشبي فانتشلته سفينة بريطانية اسمها كوساك وحملته معها ليكون قط سفينتها. بعدها بأشهر في نفس السنة كانت السفينة متجهة من جبل طارق إلى بريطانيا وهي تحمل شحنة وهاجمتها غواصة ألمانية وأغرقتها، وكان سام ممن نجا مع الناجين ونقلوه إلى سفينة أخرى اسمها أرك رويال وهي حاملة طائرات ضخمة، وفي نفس السنة كانت هذه السفينة عائدة من مالطة وفجأة من العدم ظهرت غواصة ألمانية وضربتها بصاروخ وأغرقتها، غير أن هذه السفينة لم تغرق إلا ببطء لهذا نجا معظم من عليها ومنهم –للمرة الثالثة- سام والذي رأوه متمسكاً بلوحٍ يحمله البحر، فأنقذوه ولاحظوا أنه غاضب -وحُقَّ له!- لكن لم يصبه أذى، فكان هذه المغامرات تكفي سام ونقلوه إلى بريطانيا حيث عاش في بيت أحد البحارة وتوفي بعدها بأربع عشرة سنة.

Twitter: @i_alammar

مقالات أخرى للكاتب