Wednesday 11/12/2013 Issue 15049 الاربعاء 08 صفر 1435 العدد
11-12-2013

داعش من الإمارة إلى حلم الخلافة ! 2-2

لم أجد تفسيرا حقيقيا لمعنى «داعش» التي تعني اختصارا للدولة الإسلامية في العراق والشام؛ إلا أنها ربما تكون نطقا بإحدى اللهجات الشامية الشمالية القريبة من تركيا بمعنى «داعس» أي الدعس على رؤوس الأعداء، وهي العبارة التي تتكرر دائما في أخبار قنص عسكريي النظام المجرم وقادة جيشه؛ فيصاغ الخبر على هذا النحو مثلا « تم الدعس على رأس قائد حاجز كذا «ولكن الكلمة لا تشكل أهمية تذكر إذا تناسيناها ودخلنا إلى فضائها الدموي وما تعنيه بالفعل على أرض الواقع السوري والعراقي؛ فإذا كنا قد ضقنا ذرعا بما أنتجته الأزمة الأفغانية من عقائد تكفيرية وما خرجته من تلاميذ مخلصين أشد الإخلاص وأعمقه لفكر أسامة بن لادن والملا عمر، وهم من اشتغل على تنفيذ كثير من العمليات العسكرية الإرهابية في نيروبي وكراتشي واليمن والرياض وجدة والخبر ومدريد ونيويورك وغيرها؛ فإن ما يمكن أن تصدره «داعش» إلى العالم إن استمرت في صعودها وتوسعها وقوتها يفوق ما صدرته مدرسة طالبان مئات المرات!

تحلم «داعش» بعودة الخلافة الإسلامية وترفع الرايات السود إيمانا منها بأنها الطائفة المنصورة التي ستنطلق من أرض الرباط أرض الشام لتطهر ديار العرب كلها من الفساد وشتى أنواع الانحراف، ثم تقاتل الكفار على وجه الأرض في كل مكان.

لقد فسرت «داعش» ما ورد في هذا الصدد من أحاديث نبوية صحيحة على هواها؛ لكن لا أحد يمكن أن يقطع بأنه المعني حتما بالطائفة المنصورة أو بأنه من يحمل الرايات السود التي أشار إليها الحديث النبوي الشريف؛ ولكن هذه الجماعة أعلنت قطعا وبثقة غريبة أنها بالفعل الطائفة المنصورة وأنها من سيحقق حلم عودة الخلافة؛ فبدأت بتكوين الإمارة في العراق بزعامة أبي عمر البغدادي، وبعد أن قتل تم تنصيب أبي بكر البغدادي خليفة له عام 2010م واشتغل على توسيع نطاق دويلته الناشئة بالتفجير والتفخيخ والإعدامات دون أن تدين له بالولاء أية محافظات عراقية؛ لكون التنظيم يعمل سرا ويثخن في أعدائه بالتفجيرات المتوالية، ثم اتحدت دولة العراق الإسلامية مع جبهة النصرة بزعامة أبي محمد الجولاني، وانتقلا بالحلم من الأمارة الصغيرة إلى الدولة الكبيرة سعيا إلى الخلافة المأمولة!

لقد سيطر هذا التنظيم التكفيري الشرس على أجزاء كبيرة من شمال سوريا؛ مثل الرقة وأجزاء من حلب وعزاز وباب الهوى وغيرها من القرى والبلدات، وأقام فيها - كما فعلت طالبان من قبل - الدولة الإسلامية المتخيلة أو الخلافة الحلم؛ منطلقا من رؤى شوفينية ضيقة نحو المختلف، ومتكئا على أحكام قطعية أفتى بها منظرو الفكر القاعدي لا تقبل النقض ولا الحوار؛ فمن لم يعلن ولاءه لفكر « داعش « من الألوية أو الجماعات القتالية المختلفة مثل تنظيم ألوية الشمال التابع للجيش الحر، أو حتى من الجماعات الإسلامية التي تختلف معها في بعض التفاصيل كجبهة النصرة؛ فإنها تحكم عليه بالكفر ولا عقاب آخر يمكن أن يناله من يكفر - كما ترى داعش - سوى قطع الرقاب، أو الرمي بالمدفع الرشاش!

وهكذا اشتغلت «داعش» قتلا للمخالفين، وسبيا لنسائهم؛ كما أفتى أمير ولاية الشمال أبو عبيدة عبد الله العدم؛ بسبي كافة نساء تنظيم (لواء عاصفة الشمال) الذي وصفه بـ(المجرم)، ونكحهم شرعا، بما آتاهم الله من قوة وإيمان وفقا لشريعته تعالى حسب زعمه.

ولكي تبسط «داعش» ظل دولتها على الأقاليم التي حررتها أو انسحب منها جيش النظام المجرم مكرها؛ فإنها عمدت إلى تطبيق الأحكام الشرعية كما تراها؛ فنهبت المتاحف، ومنعت التعليم في المدارس والجامعات، وهدمت الكنائس والأديرة أو حولتها إلى مقار إدارية، وأعدمت صحفيين ومصورين ومراسلي محطات تلفزيون عربا وأجانب واعتقلت راهبات، وهكذا؛ وهي بهذا تقدم أبشع تصور يمكن أن يتخيله أي إنسان لدولة الخلافة كما تحلم بها «داعش».

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب