Thursday 12/12/2013 Issue 15050 الخميس 09 صفر 1435 العدد
12-12-2013

الجزيرة في دبي

** في أعوام عمله الأولى بمعهد الإدارة راق له أن يعجبَ حين وجد نفسه مدعوًا للمشاركة في حلقةٍ تطبيقيةٍ عن مهارات القيادة نظّمها مركزٌ عالميٌ للإدارة وحاضر فيها خبير دولي و”المتدربون” عددٌ منتقى من قيادات المعهد في الصف الأول ومعاونيهم في الصف الثاني، واستفهم صامتًا عن سرِّ عقدها على بعد أربع مئة كيلٍ في المنطقة الشرقية.

** كان عجبُه كما استفهامِه مُركزَين على المكان؛ فلِم لمْ تعقد الحلقةُ في الرياض ما دام المستفيدون منه؟ ولِماذا يَدعُ المسؤولون أعمالَهم وبإمكانهم أن ينجزوها ويحضروا الحلقة في الوقت نفسه؟ ولأنه كان من أصغرهم عمرًا ووظيفةً فلم يجرؤ على عرض هواجسه منتظرًا ما سيوحي به المكانُ من ملاحظاتٍ أخرى سيسجلُها في استمارة تقويم الحلقات كما اعتاد.

** التقط الهدفَ حين غادر وشارك والتقى واستفاد فلم تُلههم اجتماعاتٌ ولا معاملات وبدا تركيزُه على موضوع الحلقة محورًا أولَ والاقترابُ أكثر من الدوائر الشخصية لأساتذته وزملائه محورًا تاليًا خاليًا من رسمية المكتب ونمطية المكاتبات، ووجد صمته صوتًا مؤيّدًا لهذه الفكرة التي واصل المعهدُ تنفيذها بتميزٍ وفاعليةٍ وإيجابية.

** غادر العملَ الحكومي نحو القطاع الأهلي وتكرّرت التجربةُ حين وجد مجلسَ الإدارة يدعوه لاجتماعٍ في الدمام يحضره الملاك وهم مجموعة أشقاء كان بإمكانهم عقده قريبًا من منازلهم ومكاتبهم، وأيقن بتحقق الهدف الأجمل من ذلك الاجتماع حين جاءت نتائجه مستحقةً لتفرغهم من الارتباطات الرسمية وتحرّرهم من ضغط الأرقام وتجاهلِهم دقاتِ الساعة ذاتِ القيمة المضاعفة لدى رجال الأعمال.

** وجاءت تجربةُ (الجزيرة) في اللقاءِ الأول لقيادات المؤسسة والتحرير وكبار الكتَّاب مع “شركاء النجاح” وتعمدِها عقدَه في دبي امتدادًا لمنهج الخلوات “العلمية والإدارية”، وكانت خلوةً إعلاميةً حضر فيها التنظيم الدقيق والحضور المتفاعل والبرنامج الثريُّ الأريحي بما عكس روحَ الفريق وثقافة الحوار وتجسيرَ المسافات بين المتماثلين والمختلفين.

** الخَلَواتُ أسلوبٌ رائد حين يُنفذ بمهارة؛ فثمة خلواتٌ أخرى تضيف أعباءً وتكاليف ولا تستحق ما يُبذل من أجلها ليبدوَ الفارقُ في التخطيط والإعداد والتنفيذ والمتابعة، حيث يتخلّى المسؤول عن سائقه وبشته وسكرتيره فيجالس ويشارك ويستمع ويتقبل كونه فردًا في منظمة لا منظمة في فرد، وفيها تتوارى أقنعةُ الذوات المتورّمة بهالات السلطة والأضواء، وهل أجملُ من أشكالنا وأحجامنا الحقيقية؟!

** جاء لقاءُ الجزيرة السنويُّ الأولُ معبرًا عن رؤيةٍ إداريةٍ متفوقة اعتنقها الثلاثيُّ النشط: رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير والمدير العام الذين بدَوا بكامل أناقتهم ولياقتهم ولباقتهم ونفذها مساعدوهم باحترافيةٍ عاليةٍ، وقُدِّر لنا أن نقتربَ أكثر من كتّابٍ وعينا حروفَهم فأنسنا بشخوصهم، ومن مديرين سمعنا عن شركاتهم فرأينا تعاملاتهم، ومن زملاءَ عهدنا نجاحَهم فعززَّها تفانيهم، واكتشفنا مواهبَ وموهوبين يسكنهم اللطفُ والانطلاق وتَقدُمُهم البساطة والانعتاق.

** البعدُ قرب.

ibrturkia@gmail.com

t :@abohtoon

مقالات أخرى للكاتب