Friday 13/12/2013 Issue 15051 الجمعة 10 صفر 1435 العدد

السعودية ... أمريكا .... روسيا ... إيران

د. طلال سليمان الحربي

الأميركان والروس أنفسهم منذ أكثر من 70 عاماً وهم يبحثون عن إطار واضح لطبيعة العلاقة بينهم، الروس حين كانوا سوفيتاً وكان الأمريكان في قمة عنجهيتهم، كان من الصعوبة بمكان أن تجد دولة او نظاماً سياسياً يقف على الحياد بينهما، حتى حين قام عبدالناصر وتيتو ونهرو بتأسيس منظمة عدم الانحياز كانت وجهتهم فعلياً الانحياز، ولكن الانحياز بحسب الظروف لأي معسكر يحقق لهم مصالحهم، وإن كانت الغلبة ظاهرياً لأمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، إلا أن أحداث سوريا أثبتت أن روسيا ما زالت هنا.

بعد سقوط العراق وأميركا تعلن الولاية وحتى مروراً بنظام مبارك في مصر والقذافي وابن علي والتي اتفق الجميع على أن الأمريكان سمحوا بها بتنسيق عال مع جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الملف السوري أخذ بعداً آخر، ما أجج الملف السوري فعلياً ليس فقط فظاعة الإجرام الأسدي وتعنت روسيا بوتين، ما أججه فعلاً هو انكشاف حقيقة العداء بين إيران فارس واتباعها وبين العرب كافة والمسلمين السنة خاصة، لكن الأهم هو المملكة وقوتها في التعامل مع الأحداث.

موقف المملكة إبان احتلال الكويت كان قوياً لكنه كان يحظى بدعم دولي، أما اليوم وفي ظل تحدي إيران وتنامي خطرها على المنطقة وتدخلها العلني في سوريا، المملكة نظرت إلى الوضع برؤيا شاملة وفي الوقت نفسه متوزانة. نعم مصالح المملكة العليا فوق كل اعتبار لكنها مصالح مشتركة ومتداخلة مع الاشقاء العرب وعلى رأسهم مصر.

في سوريا انتهجت المملكة أسلوباً آخر، فهي من ناحية تريد إنهاء الوضع ونصر الثورة وإيقاف الغزو الإيراني، ومن ناحية أخرى تريد أن تسحب البساط الروسي من تحت نظام الأسد، الأميركان أنفسهم تفاجؤوا بالتقارب السعودي الروسي، هذا التقارب كان له كلمتان الأولى لأمريكا، وهي أننا قادرون على فتح أية أبواب تحقق مصالحنا، والثانية الى الروس أنه لا داعي للتمسك بنظرية الحليف الأسدي، فالعلاقات ممكن أن تكون طبيعية وقوية مع منظومة العرب كلهم وعلى رأسهم الرياض والقاهرة بحلتها الجديدة.

تبقى في منهجية السياسة الخارجية السعودية عنوان لا يخفى على أحد أنه إن كنا نسعى لتحرير العراق من براثن الاحتلال الإيراني الصفوي فإننا نريد أن لا تقع سوريا في هذه البراثن، هذه المنهجية قد نجد مع الوقت أن نظرية الغاية تبرر الوسيلة هي الأمثل لتحقيقها، جنيف 2 على الأبواب وزيارة روسيا وتصريحات أميركا كلها تؤكد أن الرياض هي من ستحسم الموقف في النهاية، لكنها نهاية نتمناها قريباً للوضع السوري، فالدماء تسفك وبعض الأشقاء ما زالوا منشغلين في طلاسم الوضع المصري بأربعة أصابع العدوية وزيف الفكر الإخواني، وهذا ملف آخر سنجد في الأيام القليلة القادمة حلاً سعودياً له، حلاً أعتقد سيكون قوياً صارماً نحقق معه الغاية بغض النظر عن الوسيلة.