Saturday 14/12/2013 Issue 15052 السبت 11 صفر 1435 العدد
14-12-2013

نقض شبهات التكفيريين!

لا زال المسلمون يعانون من شر الخوارج، الذين حذر منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غاية التحذير، وأمر بدرء شرهم عن المسلمين. فهم كفروا - بادئ الأمر - الحكام، ثم عمموا القول بالتكفير على كل أصحاب الكبائر، واستحلوا دمائهم، وأموالهم؛ بسبب حماستهم الزائدة، واشتباه الأمور عليهم بمحتملات

الأدلة، التي ساء فيها فهمهم.

قبل أيام، أكد رئيس “حملة السكينة” - الباحث الشرعي - عبد المنعم المشوح، أن: “جميع الشبهات، والأفكار المتطرفة التي ذكرها وليد السناني، وغيره من الغلاة، تم الرد عليها بتفصيل، وإجمال، وبفتاوى، ومقالات علمية، وبمواد صوتية . فالعلماء، وطلبة العلم قاموا بدورهم، وواجبهم.. بل إن المؤسسة الرسمية الشرعية من أكثر الجهات التي واجهت أفكار الغلو - قبل أحداث 11 سبتمبر - بأعوام، حيث صدر بيان لهيئة كبار العلماء، حذرت فيه من اختطاف الطائرات، والاعتداء على المدنيين، وتفجير المباني ، ثم بعد ذلك توالت الفتاوى، والبيانات، واللقاءات في مواجهة التطرف، والغلو”. وضرب - الشيخ - عبد المنعم المشوح مثالا بـ”حملة السكينة”، التي يشرف عليها، بأن لديها أكثر من “280 “ بياناً، وفتوى، وتعليقاً فقط - لسماحة المفتي - عبد العزيز آل الشيخ - وفقه الله -، وفيها رد، وتوضيح، ونصيحة بأساليب، ومناسبات متنوعة ، - إضافة - إلى بقية أعضاء الإفتاء، وإلى بقية العلماء، وكبار طلبة العلم الرسميين في الإفتاء، ووزارة الشؤون الإسلامية، التي نفّذت أكثر من “80 “ ندوة علمية في مناطق المملكة، تناقش قضايا التكفير، والجهاد، ومسائل النزاع.

يعتقد بعض الناس، أن هذه الفئة على خير، مع أنهم يكفرون بالذنب، ويكفرون بمطلق الحكم بغير ما أنزل الله، وبمطلق الموالاة للكفار، ونحو ذلك، وأشباهه من التأويلات الباطلة. ولو أنهم اعتمدوا القواعد الشرعية المعتبرة؛ لكان ذلك أدعى إلى فهم الحق. ومن ذلك: أن المسلم مأمور بالتثبت في ما يبلغه من الأخبار، وأنه لا يجوز له الخروج على ولي الأمر إلا في حالة مواقعته للكفر البواح، شريطة ألا يكون لديه ما يمنع من تكفيره، بحيث تتوافر فيه شروط التكفير، وتنتفي عنه موانعه. فإن انسحب عليه وصف الكفر، فإن الخروج عليه - حينئذ - مشروط بالقدرة على إزالته، وإحلال مسلم مكانه، وألا يترتب على هذا الخروج مفسدة أعظم من مفسدة بقاء الكافر.

يتبين مما سبق، أن مدار شبهات الخوارج قائم على الطعن في ولاة الأمر من العلماء، والأمراء. وتلك جريمة شنيعة، نهى عنها الشرع المطهر، وذم فاعلها، - لاسيما - في ما يتعلق بمسائل التكفير، إذ لا يجوز الحكم على مسلم ثبت إسلامه بالردة، إلا بدليل شرعي يقيني، بمثل اليقين الذي حصل بدخوله في الإسلام. كما لا يجوز اتهام فتاوى العلماء بخلاف ما دل عليه الدليل تعمدا، بحجة ضغط ولي الأمر عليهم، أو عدم فهمهم لفقه الواقع، أو غير ذلك من الشبهات الباطلة.

بقي أن يقال، إن مما يجب أن يفهم، أن من سنن أهل البدع التمسح بأهل العلم الراسخين بصحة المعتقد، وسلامة المنهج؛ من أجل ترويج بدعتهم. - ولذا - فإن النظر في هكذا مسائل عظيمة، لا بد أن يبنى على أصلين، أحدهما: ورود الدليل من الكتاب، أو من السنة الصحيحة على المسألة المتنازع عليها، مع ضرورة فهم الدليل، والآخر: تحقيق المناط في تنزيل الحكم على الدليل، أو إلحاقها بالدليل ؛ لاستنباط الحكم الشرعي. وفي تقديري، فإن هذا المنهج العلمي، هو ما يسلكه موقع “السكينة للحوار”، التابع لوزارة الشؤون الإسلامية، والأوقاف، والدعوة، والإرشاد، في مقارعة هؤلاء الغاليين في الدين، والرد على شبهاتهم بالحجة، وكشف زيفهم، وهشاشة شبهاتهم، ونفي تدليسهم، وخلع تلبيسهم، وصنع فكر مستنير، يواجه بقوة الحجة الفكر التكفيري المنحرف.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب