Monday 16/12/2013 Issue 15054 الأثنين 13 صفر 1435 العدد

أهلاً بكم في حقبة «من تصميمي»

بقلم - سهراب فوسوغي:

نسمع منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين على الأقل، أن «التخصيص الشامل» سيبدّل واقع المستهلك. ومع ذلك، لا نزال نعمد، بشكل عام، إلى شراء المنتجات المصنّعة كما كنّا نفعل في منتصف القرن الماضي.

وباستثناء المنتجات الراقية المصممة تحت الطلب، على غرار البذلات المفصلة واليخوت العملاقة، لا تزال مشترياتنا موحّدة إلى حدّ كبير بمعظمها. وبالتالي، سيعني «التخصيص» أنك قرّرت اختيار قرص صلب سعته 256 جيغابيات بدلاً من 128 جيغابايت، أو ربّما انتقيت النسخة الرياضية عن سيارتك الجديدة، علماً بأنّ المنتجات الملموسة التي أضفي عليها طابع خاص، على غرار أحذية «نايكي أي دي» أو هواتف «موتو مايكر» المصمّمة تحت الطلب، تحظيان بمستويات تتبّع كبيرة في أوساط العملاء، ولكنها تذكّر بالمنتجات «المصممة من أجلي»، أكثر من كونها جزءاً من تجربة المنتجات «من تصميمي» التي وعدونا بها.

ولكن على الرغم من وتيرة التقدّم البطيئة، أرى أننا وصلنا أخيراً إلى مشارف حقبة جديدة على صعيد تصميم المنتجات، ستتوافر فيها فعلياً منتجات «من تصميمي» ضمن سلسلة من الفئات المختلفة، مع الإشارة إلى أن المصنعين الأكثر نجاحاً في السنوات العشر القادمة سيتمثلون بمن ينجح بينهم في استغلال هذه الفرصة قبل منافسيه.

ويتأتى هذا التحوّل عن ثلاثة تطورات. وأولها أننا شهدنا تحسينات جذرية في مجال التصنيع المؤتمت المرن، الذي يمكن تجسيده بابتكارات على غرار معامل سيارات «تيسلا موتورز» التي تلجأ كثيراً إلى الروبوتات. أما ثانيها، فهو أن ارتفاع أجور القوى العاملة وازدياد قيمة العملة يقللان من جاذبية الصناعة الصينية الكبيرة الأحجام، ويحثان المزيد من الشركات على نقل عملياتها إلى مكان أقرب من المركز الرئيسي أو إلى مكان تواجد العملاء. وثالثاً، يسجل ارتفاع في الطلب على التجارب ذات طابع شخصي أكبر، بتشجيع من ازديد الطابع الشخصي الذي يتم إضفاؤه على أجهزتنا الرقمية. وإن جمعنا بين هذه العناصر الثلاثة، حصلنا على مستقبل، تمنح فيه الشركات عملاءها نفوذاً كبيراً على إنتاجها الصناعي، وتكتسب بالمقابل ميزة تنافسية.

ويكفي التفكير في عملية غير مثيرة على الإطلاق، تتمثّل بشراء غسالة. فأنت ستشتري الغسالة، شأنها شأن معظم الأدوات المنزلية الهامة الأخرى، بسبب حاجتك إليها، وليس لأنك ترغب في ذلك، وبالتالي، ستختار الأفضل بين سلسلة من الغسالات التي توفّر خيارات جيدة وتتناسب مع ميزانيتك. ولكن ماذا لو تغيّر هذا الواقع؟ ماذا لو أصبح شراء الغسالة أشبه بالطلب من أحد المصممين بتفصيل فستان تحت الطلب؟ وماذا لو أمكنك تصميم غسّالتك كما تريدها تماماً، لتتناسب مع حجم خزانتك الضيقة في الممر، أو مع حاجتك إلى غسل أكوام كبيرة من بذلات البيسبول، ولتكون شاشتها معقّدة أو بسيطة كما تريد، فتضمّ شاشة لمسية، أو عدّاداً، أو ربما مجرد زر أحمر كبير كُتب عليه «إغسل»؟ هل تدفع المزيد من المال مقابل هذا النوع من التجربة المعدّة تحت الطلب؟ إن كنت كآلاف المستهلكين الذين قابلتهم مع زملائي حول العالم على مر السنتين الماضيتين، فالجواب هو نعم، شرط ألا تكون العلاوة السعرية كبيرة جداً، وأن يكون موعد التسليم قريباً.

إلاّ أنّ ما ينقصنا هو مفهوم شامل عن كيفيّة تصميم هذا المستقبل الذي يتّسم بطابع شخصيّ كبير جدّاً. وليست الغسالة إلا فكرة بسيطة من بين آلاف الأفكار الأخرى، ومع ذلك نجحت في إثارة بعض المشاكل الفوريّة. فما حجم فسحة المناورة التي يملكها العملاء؟ ما الطريقة الواجب اعتمادها للتخصيص، لتبعث شعوراً بالرضا وتكون دقيقة في آن؟ كيف تبقى متماشياً مع مميزات العلامة التجارية؟ يواجه المصممون في العالم الرقمي هذه الأسئلة منذ سنوات. وفي العالم الفعلي، يبقي علينا اللحاق بوتيرة مستجدّات كثيرة.

- سهراب فوسوغي هو مؤسس شركة «زيبا» للتصميم والابتكار الواقع مقرها ففي بورتلاند، أوريغان، وهو رئيسها ورئيس الإبداع فيها.

موضوعات أخرى