Monday 16/12/2013 Issue 15054 الأثنين 13 صفر 1435 العدد
16-12-2013

على سطور أبخرتها..!!

الشوارع المستطيلة، بانحناءاتها تتلوْلب داخل المدينة الفارهة العتيقة..،

قليل وتعبر الحافلات بأبواقها التي عهدها الواقفون على الرصيف..،

الجالسون في الانتظار على المقاعد الخضراء المستطيلة..

القادمون من اتجاهاتهم في همة..

بأيديهم الواقيات من المطر، يزخ بهدوء، يداعب سكينتهم ..،

يندسون في انتظام داخلها..، كلٌّ بهدوء يأخذ مقعده...

ربما هناك تختبيء من زمهرير الشتاء عرباتهم الخاصة..،

وقت يمر بهم مخطط لثوانيه في حساباتهم..،

تقف الحافلات بهدوء مماثل..

ينسلون بانتظام خارجين منها متجهين لغاياتهم..!!

المدينة تطل عليهم سماؤها برحمات السماء ماء نقيا..،

الأجساد تستدفئ الملابس الثقيلة، والصغار فيهم لا يحدثون غوغاء ..

كلٌ إلى مدرسته في ابتهاج..، بمثل ما الكبار لمصالحهم في ثقة..

المتاجر عند أبوابها أجهزة تستشف ماء القبعات ..، والمظلات،

عند مداخلها ترتيب يجفف عن الأحذية بللها..!!

الحياة عندهم هنا في شتائها مرتب لها كل شيء..،

والإنسان فيها منهم ممهد له التفاعل مع أجوائها دون عناء..

حتى إذا ما استقر الفرد داخل جهة مقصده.. تحلل من الفرو، والصوف، والمظلة، وغطاء الرأس.. ومخبأ الكفوف..،وتحرك نشطا ..

كل أشيائه الخاصة في أماكنها، كأن الربيع يحتويه بباقات الزهور على أطراف المكاتب، وفوق طاولات الممرات، وعند مجالس الاستقبال..

لا تجد اثنين يتحدثان على انفراد إلا في عمل مشترك،..

المكان خلايا نحل، وإن كان زاوية مقسمة بالزجاج..، أو منزوية عن ممر..

كيف هي شوارعنا في المطر..؟

وفي قيظ الصيف..؟

وفي زمهرير الشتاء..؟

كيف هي لحظات احمرار إشارات المرور عندنا..؟ أو بعد اخضرارها..؟

كيف هي مداخل، وفي داخل مبانينا العامة، والخدمية عند زيارة المطر..والتبلل بمائه..؟

ما الذي يحدث داخلها بعد بدء ساعات العمل..؟

كم هي العربات الخاصة التي تجوب مددنا، وتزكم شوارعنا، وتغض راحة منعطفاتها..

هل نحن فقط الذين نملك القدرة المادية لشراء العربات الخاصة..؟! أو أننا لم نع بعد قيمة الحياة وحاجاتها الملحة..؟!

في بلادنا، الناس الجادون لأعمالهم، والمستهترون بأوقاتهم، والسادرون عن شراكة رفقائهم في الطريق، والحافلة، والإشارة، ومداخل المباني، والمتاجر، كيف هو حالهم مقارنة بأولئك الذين لا تعرف مدنهم دفء الشمس، وجفاف الأسطحة، إلا قليلا من أيامهم..؟

كنت أجلس لكوب دافئ من القهوة، والناس ينتشون، كلٌ في مصلحته وإلى حاجته..، لا من يتطفل عليك بنظرة مارقة..، ولا بما يربك لحظة استمتاعك بجمال يضيف لجمال الطبيعة جمال الإنسان منهم هدوءا، وإنجازا، بل تقديرا لشراكة الحياة في سيرورتها اليومية..

لا عناء، جملةُ حروفٍ فككتها أبخرةُ القهوةِ أمامي، وهي تستقر بزخم طالت لذة التأمل معه فيما أرى..!!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب