Tuesday 17/12/2013 Issue 15055 الثلاثاء 14 صفر 1435 العدد

«الجزيرة» تقدّم وصفة علاجية وتدعو 3 مؤسسات رياضية للمسارعة بالتطبيق

«تصويت إلكتروني» أسوة بالسوق المالية طوق نجاة الأندية من الإفلاس

الجزيرة - حبيب الشمري:

تعيش الأندية الرياضية السعودية وضعاً مالياً صعباً، خصوصاً بعد خروج شركة الاتصالات السعودية من سوق الاستثمارات الرياضية المحلية تاركة الأندية في مهب الريح بعد أربع سنوات من «الربيع المالي»، وتردد الشركات الأخرى في الدخول إلى هذا المجال، أو دخوله على استحياء. وفيما تشير التقديرات إلى أن ميزانيات الأندية الكبرى في المملكة تتراوح بين 60 إلى 90 مليون ريال في الموسم الرياضي الواحد، لا يتجاوز الدخل السنوي من المشاركة في الدوري أو الاستثمارات الأخرى 15 مليون ريال للنادي في أفضل الحالات. هذا يعني أن الأندية (فعلياً) مفلسة (مالياً)، لولا تدخل رؤسائها (الأثرياء، الأمراء) خلال وجودهم في سدة الرئاسة، وعدد محدود من أعضاء الشرف. لكن ما العمل فيما لو توقف هذا الرئيس/ الشرفي أو ذاك عن الدعم؟ ماذا لو انتقل إلى رحمة الله تعالى؟ ما مصير عقود اللاعبين (المليونية)؟ إلى أين سيلجأ اللاعبون؟ المدربون؟ كل هذه أسئلة معلقة ومفخخة، وإجاباتها صادمة، وكثيرون يهربون من الحقيقة إلى الأمام من خلال توقيع مزيد من العقود (المليونية) التي توحي للشارع الرياضي أن الأوضاع تحت السيطرة، بيد أنها (العقود) تصاغ تحت جنح الظلام، ولا يعرف حتى أعضاء الجمعية العمومية، فضلاً عن المشجع العادي تفاصيلها، بل إنها في الغالب توزع على دفعات لا تقل عن أربعة أعوام مما يؤخر انفجار الفقاعة - إذا تحدثنا بلسان اقتصادي.

ماذا نحتاج؟

هذا الوضع يتطلب حلاً عاجلاً وسريعاً يأخذ في الحسبان الأوضاع النظامية والقانونية للأندية واختلاف جهات الإشراف عليها، إذ تتبع للرئاسة العامة لرعاية الشباب (كمنشآت حكومية)، والاتحاد السعودي لكرة القدم (مشرف على اللعبة)، ورابطة دوري المحترفين (منظم للمسابقة)، خصوصاً في ظل العمل حالياً على تطوير لائحتي الأندية والاتحاد. الحل (الوصفة) يتمثل في تعديل الأنظمة بحيث يكون (إلزامياً) منح المشجع حق دخول الجمعية العمومية، الذي يعطيه بالتالي (حق) اختيار رئيس النادي عن طريق التصويت الإلكتروني، مقابل رسم العضوية البالغ 300 ريال، وحق التصويت على التعاقدات التي تتجاوز سقفاً مالياً معيناً.

البنية الإلكترونية جاهزة

ربما يسأل أحد عن إمكانية تطبيق التصويت الإلكتروني، وهنا يمكن أن نقول بكل ثقة إنه ممكن خلال الفترة الحالية بالنظر إلى بنية الحكومة الإلكترونية، حيث يرتبط مركز المعلومات الوطني بالجهات كافة. وبما أن الأندية جهات حكومية تتبع للرئاسة العامة لرعاية الشباب، فإنها ستكون نهاية طرفية تستفيد من المعلومات الرسمية المعتمدة بشرط تفعيلها للمرة الأولى كما في خدمات الجوازات والخدمة المدنية.

تعبير جماهيري

إن إعطاء المشجع هذا الحق، يدعم توجهات الدولة في توسيع قاعدة النهج (الانتخابي) على غرار المجالس البلدية، الغرف التجارية، هيئات المهندسين، وغيرها، بل إنه مطلب مجتمعي وأمني، إذ إن التعبير عن الرأي بطريقة حضارية و(حقيقية) من خلال التصويت على: تعيين الرئيس، إقالته، التعاقدات المالية، المراجعة المالية يضمن إخماد أي توترات أو خروج جماهيري عن النظام، ويعمق التفاعل الرياضي/ الاجتماعي، بل إن هذا الحق (يكسر) احتكار (القلة) للأندية الرياضية، و(يكرس) ثقة المواطن بشكل أو بآخر. عندما يعبر المشجع (عضو الجمعية)، ويمكن أن نسميه هنا (المساهم) عن رأيه بكل حرية، ويكون لهذا التصويت أثر على أرض الواقع، فإننا بذلك ندخله في المنظومة الرياضية وقراراتها، ونجعله فاعلاً، بدلاً من الصراخ في المدرجات.

هنا علينا أن نذكر لأندية الجماهيرية أن مشجعيها في المناطق الأخرى ربما يكونون أكثر شغفاً بفريقهم من مشجعي الفريق في المدينة نفسها، وهذه مشاهدة في مباريات فرق: الهلال، النصر، الأهلي، الاتحاد في المناطق، حيث تمتلئ الملاعب بالصغار والكبار، لذلك فإن التصويت الإلكتروني، والمشاركة في القرار ستزيد من هذا الشغف، وهو ما يتطلب الأندية تسهيل حصول جماهيرها على عضوية الجمعية العمومية، سواء من خلال البريد، أو من خلال مكاتب وكلاء في المناطق.

صغار المساهمين وقرارات الملايين

التعبير الجماهيري الصادق من خلال الحصول على حق التصويت (الحقيقي)، سيدفع آلاف المشجعين للانضواء للجمعيات العمومية والاشتراك فيها إلكترونياً، حيث لا يتطلب ذلك الحضور إلى مقر النادي. وهنا نضرب مثالاً بالنظام المطبق في هيئة السوق المالية تحت اسم (التصويت الإلكتروني)، هذا النظام يمنح صغار المساهمين من يملكون 20 سهماً فأعلى حق التصويت على قرارات إستراتيجية، وطبق ذلك على شركة المراعي العملاقة عند استحواذها على شركة حائل للتنمية الزراعية بقيمة 944 مليون ريال، ثم طبق على بقية شركات أخرى، وقريباً سيكون القرار إلزامياً على كل شركات سوق الأسهم السعودية.

اليد المسيطرة

هذا القرار أخرج القرارات من (اليد المسيطرة) على الشركات سابقاً، التي كانت تتحالف مع بعض أعضاء الجمعية وتتخذ قرارات إستراتيجية تصب في مصلحتها، وليس المصلحة العامة، في ظل (غياب) المساهم الصغير الذي لا يمكن أن يترك مصلحته اليومية ليجتمع في قاعة فندق، ربما في مدينة أخرى، ويستمع لكلمات منمقة من رئيس الجمعية، بل إنه مارس حقه وهو بعيد (مكاناً)، حاضر (قراراً) من خلال التصويت الإلكتروني، حيث تظهر فقرات جدول الأعمال أمامه من خلال محفظته المالية. وهناك مثال آخر حدث في المملكة حيث تمت انتخابات هيئة المهندسين السعوديين في عدة مناطق بشكل إلكتروني ومتزامن. لذلك فإن الثقة بالمواطن/ المساهم في القرارات الاقتصادية الإستراتيجية، من باب أولى أن تدفعنا إلى تعميمها في مجالات أخرى من بينها الرياضية.

المراعي .. أم الهلال والنصر

قياساً على ما سبق، وإذا افترضنا أن نادياً مثل الهلال أو النصر سيجذب 100 ألف مشجع على الأقل، فإن ذلك يعني أنهم سيضخون في الخزينة 30 مليون ريال سنوياً، من خلال الرسم السنوي الـ 300 ريال، وإن كان جماهير الناديين (الفاعلين) أكثر من ذلك بكثير. بل إننا نستطيع أن (نستثمر) هذا الرقم بملايين أخرى. يمكن أن يعطي المشجع/ المساهم حق حضور المباريات مجاناً او بأجر رمزي، وفي مكان مميز في الملعب، فلو حضر لمباريات (الهلال أو النصر) - وفقاً لهذه الافتراضات - في كل مباراة 30 ألف مشجع، هذا يعني أن قيمة عقود الإعلانات في الملعب ستكون أكبر بكثير من القيمة الحالية (حالياً باع الناديان الحقوق بمبلغ (مجهول)على شركات أخرى بقيمة مقطوعة موبايلي للأول، وصلة للثاني).

ضبط مالي

قبل ذلك، يمكن ضبط العملية مالياً، حيث يكون من حق المشجع/عضو الجمعية، التصويت على التعاقدات المالية التي تتجاوز مليوني ريال مثلاً، كما يمكن التصويت على تجديد أو إلغاء عقد اللاعب إذا كان التمويل سيكون من خلال الـ 30 مليون ريال التي دفعها (المساهمون).

استثمارات رديفة

يمكن من خلال هذا المشروع، قياس جماهيرية الأندية، وبالتالي فإن نادياً يملك 100 ألف عضو جمعية عمومية سيكون مطلباً للشركات والمعلنين، وهنا يمكن تفعيل الاستثمار من خلال دخول شركات الرعاية بالتضامن مع الأندية، وتقديم جوائز أسبوعية أو شهرية للأعضاء تسحب إلكترونياً، ذلك سيضمن دعاية للشركات مقابل رفع عدد الأعضاء في الجمعيات.

لماذا الآن؟

مثل هذه الخطوة يمكن أن تكون بداية حقيقة لمرحلة ما قبل التخصيص، نقول ذلك لأن التخصيص فيما لو حصل سيكون من نصيب المستثمر، ولن يكون للجماهير (وهي الوقود الحقيقي لوجود الأندية) حصة فيها، لذلك فإن تملك أعضاء الجمعية (الجماهير) على مدى خمس سنوات حصصا في النادي، يدفعهم إلى الشراكة فيه، ويمكن أن تكون الصيغة على النحو التالي: بيع حصة 50 % للمستثمرين، وبقاء 20 % في يد الدولة، وحصة الجماهير 30 % من رأس مال النادي يملكها من ساهم على مدى الخمس سنوات. في هذه الحالة نضمن عدم تفرد المستثمر الذي يشتري النادي بالقرارات، ولا بعوائد النادي الذي هو عبارة عن (جماهيرية، انجازات، تاريخ، شغف)، وليس مبنى واستادا وملعبا فقط.

مسئولية الرئاسة

مثل هذا المقترح ربما يجد القبول عند البعض، والمعارضة عند آخرين، لكن في كل الأحوال لا يمكن إلا أن نعده ضرورة في ظل الظروف الحالية، وعلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب أن تعرف أنها مسئولة (نظامياً) عن الأندية في كل أحوالها (الغنى والفقر)، والأخيرة مقبلة على مرحلة صعبة ستجد الرئاسة نفسها أمام مطالبات مالية كبيرة، ربما تدخل الرياضة السعودية دهاليز الفيفا وعقوباته، بل إن ضبابية الوضع المالي يهدد الأندية السعودية حتى على الصعيد الآسيوي. لذلك فإن تحركها وفتح نوافذ الحلول خير ألف مرة من تجاهل الحقيقة، والصمت عن الكارثة .. القادمة لا محالة!!

صحافي من أسرة «الجزيرة»

@habeebalshammry

موضوعات أخرى