Sunday 22/12/2013 Issue 15060 الأحد 19 صفر 1435 العدد
22-12-2013

الجسور وسوء استخدام الإبل..!

كتبت مراراً في هذه الزاوية عن أهمية التشغيل والصيانة في بلادنا، فكما تهمنا مشروعات التنمية، وأن تكتمل على أفضل وجه، يهمنا أيضاً أن يتم تشغيلها جيداً، وأن تتم صيانتها دورياً كي لا يحدث ما لا يحمد عقباه، وضربت الأمثلة مراراً، خاصة في الطرق التي مر عليها حوالي أربعين عاماً، دون صيانة تذكر، وهذا قد يخلف الكوارث مستقبلاً، وكنت أتمنى ألا نصحو يوماً مثلاً على سقوط أحد جسور الحديد في شارع العصارات الذي يمتد من نهاية شارع عسير، حتى بداية الناصرية، فهذه الجسور مضى عليها ما يقارب نصف قرن، وهي مصنوعة من الحديد، دون أن تتم صيانتها أو تغييرها.. ورغم أنها مؤقتة حينما تم تركيبها، إلا أنها ما زالت تقاوم الإزالة والسقوط!.

وقبل بضعة أيام سقط جسر في طريق الرياض الدمام السريع، وهو جسر معترض، مخصص لعبور الإبل التي تقطع الطريق، ومن رحمة الله بعباده، أن الطريق لحظة سقوط الخرسانة كان خالياً من سيارات المسافرين، وإلا لحدثت كارثة إنسانية مؤلمة.. وتؤكد المعلومات أن هذا الجسر تم إنشاؤه عام 1402، أي قبل أكثر من ثلاثين عاماً، لكنه لم يحتمل مرور الإبل فوقه!.

السؤال هو كم من الجسور للمشاة، وللإبل، وللسيارات التي تنتشر في كافة أنحاء بلادنا، دون أن تحظى بالصيانة اللازمة سنوياً؟ خاصة أن الأمر صار مقلقاً في الطرقات والشوارع، فلم تعد الأنفاق وحدها هي مكمن الخطورة، ولم يعد السيل وحده ما يخيفنا، بل حتى الإبل صارت مصدر قلق، ليس لعبورها الطرق السريعة في الظلام، بل في خلخلة الجسور، وسقوط كتل الخرسانة على السيارات العابرة والبشر.

صحيح أن وزير النقل وقف شخصياً على الموقع، وصحيح أنه تم تجهيز تحويلة وسفلتتها مباشرة، لتسهيل مرور المسافرين، وصحيح أنه تم تشكيل لجنة فنية على مستو عال، للتحقيق في أسباب السقوط المخيف، لكن ما الذي يمنع أن تتم جدولة الصيانة على الجسور والأنفاق والطرق داخل المدن وخارجها؟.. خاصة أن كثيراً من المشروعات، وللأسف، يتم استلامها حتى لو كانت ذات مشاكل، وغير مطابقة للشروط والمواصفات المتفق عليها في العقود.

حين تقع مثل هذه الحوادث، هل تتم العودة إلى الشركة المنفذة؟.. هل تتم العودة لشركة الصيانة إذا كانت ثمة عقود للصيانة؟.. وهل يتم نبش الأوراق القديمة لاستلام مثل هذا المشروع، لتتم محاسبة المهندس الذي استلم المشروع ووقع عليه، وحصل المقاول المنفذ بموجبه على مستخلصاته المالية؟.

أعتقد أن وزارة النقل أن تصدر بياناً يحمل الكثير من الشفافية، عن هذا الحادث، وعن أسبابه، وعن المتسبب بذلك، على ألا تكون الإبل هي السبب نتيجة سوء استخدامها للجسر، وما إذا تم اتخاذ عقوبات على المتسبب في هذا الحادث، خاصة أن عصر الإعلام الجديد لم يعد يخفي شيئاً.

مقالات أخرى للكاتب