Sunday 29/12/2013 Issue 15067 الأحد 26 صفر 1435 العدد
29-12-2013

التربية والتعليم: التنظيم يبدأ من القمة

لم يكن مستغرباً الترحيب بالتغيير الذي أُحدث في وزارة التربية والتعليم بتعيين سمو الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم؛ إذ التعليم لدينا يحتل الأولوية في الأهمية، ويحتل الأولوية في عدم الرضا. الملاحظات والاقتراحات كثيرة في هذا الشأن، لكن المهم هو: هل كل ما نكتبه يصل للمسؤول الأول؟ للأسف اكتشفت بالتجربة أن ذلك لا يحدث في بعض القطاعات، وهي مهمة وزير التربية ألا يسمح بحدوث ذلك في وزارته. هناك صف ثانٍ في بعض الجهات الحكومية، سواء في أقسام العلاقات أو غيرها، يتولى عملية (الفلترة) لما يصل لنظر المسؤول الأول؛ يهتم بأسماء كتّاب بذواتهم أو بمواضيع محددة، ويهمل أخرى قد تكون أكثر أهمية، وقد تقدم أفكاراً إيجابية للمسؤول حتى ولو لم تأتِ على شكل شكوى أو إثارة صحفية أو عن طريق الكاتب المشهور. يخبرني أحد المسؤولين بأن الموضوع الفلاني هو المسيطر على فكر الكتّاب أو أن الكاتب الفلاني هو الوحيد المميز، فأسأله: هل قرأت لفلان أو هل قرأت المقال المنشور هنا أو هناك؟ فيجيب لا. وحينما أدقق أجده معتمداً على الصف الثاني لديه الذي يرتب له الملف الصحفي وأولويات القراءة، وربما يقرأ نيابة عنه في بعض الحالات.

تلك مقدمة - رغم أن أحد القراء اشتكى من مقدماتي الأكاديمية الباهتة كما أسماها - لبعض أفكار سأطرحها/ أعيد طرحها في المجال التعليمي، باعتبار وجود قيادة جديدة للوزارة، ربما تتفاعل معها، تقرؤها بتمعن، لربما كان فيها الفائدة المرجوة.

هناك نوعان من الإصلاح مطلوبان في وزارة التربية والتعليم: الأول تنظيمي/ إداري/ تشغيلي، والثاني تعليمي/ أكاديمي. لو بدأنا بالتنظيمي نجد التركيبة الإدارية بقمة الوزارة عجيبة بوجود نائب وزير ثم نائبي وزير للبنين والبنات. هذه التركيبة فرضتها ظروف مثل امتصاص ردة فعل دمج تعليم البنات والبنين وعدم تفرغ وزير التربية السابق لأعمالها؛ ما استوجب وجود نائب أصيل بالوزارة، إلخ. أرى ذلك خللاً تنظيمياً، وكان يجب أن يكون وفق الوظيفة والمهام. من هنا أقترح بدء الهيكلة من قمة الهرم بإيجاد نائبين للوزير فقط، أحدهما للشؤون التعليمية وشؤون الطلاب والثاني للشؤون الإدارية والتشغيلية. نائب الشؤون التعليمية تكون مهمته تطوير التعليم بمكوناته كافة (المناهج، التدريب، الأنشطة والأداء التعليمي) وما له علاقة بذلك. بينما نائب الشؤون الإدارية والتشغيلية يتولى الهم المزمن للوزارة المتعلق بالتوظيف والمباني والنقل والصيانة، وغيرها من الأمور التشغيلية.

في الجانب التنظيمي كذلك، أرى أن شركة تطوير ليست معنية بتطوير الجوانب التعليمية وما تقوم به هدر للمال والوقت. هذه الشركة استقطبت الأسماء القديمة ذات الولاء والعلاقات من وزارة التربية أو من الجامعات، وأصبحت نسخة من بيئة وزارة التربية الفكرية التي كنا نشتكي منها، مع فارق رواتب منسوبيها الضخمة. وعليه أرى حصر مهام الشركة في الجوانب التشغيلية كمتابعة المشاريع التعليمية المتمثلة في بناء المدارس وتجهيزها والنقل وطباعة الكتاب وتجهيز المكتبات وغيرها. أبعدوها عن تطوير المناهج ومراقبة الأداء التعليمي وتفصيل التطوير العلمي/ الأكاديمي. لا نريد تربويين في هذه الشركة بقدر ما نريد مهندسين ومديرين تنفيذيين ومديري مشاريع أكفاء. التطوير العلمي والأكاديمي لا يأتي عن طريق الشركات، وما يحدث بالتعليم العام وبالجامعات لدينا من إيكال العملية التعليمية إلى شركات يحتاج إلى مراجعة وتدقيق.

ترتيب الهيكل التنظيمي يتطلب البدء من الأعلى، وبعد ذلك هناك خطوات أخرى تتمثل في إلغاء المركزية وغيرها، نتركها لمقالات أخرى.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب