Wednesday 01/01/2014 Issue 15070 الاربعاء 29 صفر 1435 العدد
01-01-2014

الفجوة التعليمية والارتقاء

تمضي دول العالم المتقدم بخطى سريعة في كل شؤون الحياة، ومع الأيام تزداد الفجوة بين هذا العالم المتقدم والعالم النامي وازدياد الفجوة يؤثر كثيرا بحيث يصبح لدينا عالمين متناقضين:

الأول: يعيش حالة ازدهار وتقدم وتنامٍ لا متناهٍ و تنعم شعوبه بفرص عالمية في مجالات التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية و الاقتصاد والخدمات العامة بشكل عام.

في حين تتعثر الأمور في العالم النامي وتسير إلى الخلف في بعض الأحيان ويعاني هذا العالم النامي من مشكلات كثيرة على رأسها الحروب التي تقع في بعض أجزائه وهي حروب مدمرة بعضها تعود شرارتها إلى أعوام طويلة ماضية.

وقد يتساءل المرء ما هي الأسباب في اتساع الفجوة على هذا النحو المخيف: عالم ينعم بكل الراحة والتقدم والسلام، وعالم يضطرب ويعاني من الفقر والتخلف وسوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والحروب والانقسامات.

ومن الواضح بمقارنة بسيطة أن الأمر يعود إلى عناية العالم المتقدم بفرض النظام أولاً، وتمكين المبدعين والقادرين على القيادة، وإعطاء كل ذي حق حقه وتشجيع الفكر، ويقظة الضمير من حيث لا يمكن أن تخترق الأسوار المنيعة التي تضرب حول الفساد بشكل عام..

ثم هناك الاهتمام بالمعيارية الدقيقة فلكل شيء معايير وهي معايير ليست جامدة بل تتطور وتستبدل حسب الظروف وحسب المتطلبات الجديدة، فالجامعات وهي الركيزة الأساسية لما وقع من تقدم في العالم المتقدم لا تكن ولا تستكين ولا تستبقي الأنظمة بحيث يطول عليها الأمر وتتحول إلى مجرد روتين لا طائل من ورائه غير التعقيد.

والجامعات أيضا لا تسمح بغير الكفء والقادر على العطاء بالاستمرار لأن الجامعات هي المنطلق الحقيقي لعملية البناء.

والجامعات أيضا لا تسمح بالقيادة إلا من لديهم المقدرة الحقيقية والتجربة والفكر والدرجات العليا بحيث يكون من يتولى الإدارة علما في تخصصه مبدعا في إدارته، فتجربته هي الدافع إلى ضبط الأمور، وعلمه هو المفتاح لاستقبال الأفكار ودعمها وفرضها فيما بعد لتكون وسيلة للتطوير.

والجامعات لا يرتكز العمل فيها على مصالح شخصية وروابط و زمالات، فليس هناك مجال لأفراد يتسمون قيادات في ظل إدارة جديدة بل أن الفرصة لا تمنح للموجودين أصلا إلا بخضوعهم لمعايير العمل الجامعي الذي لا يبقي إلا الصالح والقادر على العطاء.

والجامعات بقياداتها الفاعلة يكون البحث العلمي هو شغلها الشاغل وهنا لا يقصد بالبحث العلمي المؤتمرات والندوات والملتقيات أو أوراق تقدم ثم تطوى وتطوى, فلا يعرف عنها شيئا، بل بحث علمي يخدم المجتمع ويكشف حقائق سواء أكانت في الجوانب التطبيقية أو الإنسانية.

أن ركيزة انطلاقات العالم المتقدم التي أوجدت فيما بعد هذه الفجوة الواسعة بينه و بين العالم النامي هو التعليم المبني على أسس معاييرية دقيقة تشمل القيادات التي تعمل فيها، والمناهج، وأعضاء هيئة التدريس وكل السبل التي ترتقي بأداء الطلاب في ظل إدارة تعي جيدا ما تقوم به.

مقالات أخرى للكاتب