Monday 06/01/2014 Issue 15075 الأثنين 05 ربيع الأول 1435 العدد
06-01-2014

همومنا الاقتصادية 2/2

الأسبوع الماضي كتبت حول خمس قضايا، تمثل هموماً اقتصادية لنا، واليوم أكمل بالحديث عن (8) هموم أخرى، وإن كنت أكرر، بأن الهموم لا تتوقف عند هذه:

1 - موضوع التضخم: لم يعد سراً أن القدرة الشرائية للمواطن السعودي تتناقص يوماً بعد يوم، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة (السكن، الغذاء، الدواء، مستلزمات الأطفال... إلخ). وبعد كل ذلك يأتي من يقسّم دخل الحكومة من النفط على عدد السكان، ويقول إن متوسط دخل الفرد السعودي هو كذا، وكلنا نعرف أن ذلك المؤشر غير صحيح في توزيعه الحقيقي للثروة.

2 – الأراضي البيضاء: كتب الكثير عن ذلك دون جدوى، وهناك حالة يأس من عمل ما، يؤدي إما إلى سحب تلك الإقطاعيات ممن منحت لهم، إذا لم يحيوها، أو تطبيق الزكاة عليها، أو فرض رسوم ما، وإلى أن يتم ذلك، فإنني سأستمر في إثارة موضوع تعاطفي مع ذلك المواطن، المالك لعدة رؤوس من الماشية وسط الصحراء، وتلاحقه لجان من الإمارة ووزارة المالية، لتحصيل حقوق الدولة من زكاة ماشيته. إنه مسلسل خيالي نعيشه، ويصلح مادة لفيلم سينمائي.

3 - الإسكان: انطلاقاً من قضية شح الأراضي، فوزارة الإسكان تتخبط، ساعة تعلن عن نيّتها بناء مشاريع إسكان، ثم تعلن عن نيتها تأسيس شركة تابعة لها، ثم تكلف مقاولين فاشلين، لأنهم الأقل سعراً، ثم تعلن عن خطة أرض، وقرض، وكلها تخبطات، ونصيحتي هي أن تركز الوزارة على تأمين أراض، وتطوير بنيتها التحتية فقط، وفرض زكاة على الأراضي البيضاء، ثم استخدام حصيلة ذلك لرفع رأس مال الصندوق العقاري، والذي أثبت نجاحاً على مرّ السنين، على أن يتزامن ذلك مع زيادة مبلغ القرض إلى 1,2 مليون ريال.

4 - ازدحام المدن الرئيسية: وهنا أود أن أنقل القضية من أنها مجرد قضية إزعاج لسكان المدن، إلى أنها قضية اقتصادية أساسية، فلسنوات طويلة، طوّرت المدن الرئيسية، وإلى حدّ ما المدن والقرى الفرعية، من حيث البنى التحتية (كهرباء، ماء، طرق، تخطيط عمراني)، ولكن ما ضاع في خضمّ كل ذلك الجهد هي الرغبة في تركيز كل الخدمات الرئيسية في المدن الرئيسية، وأهمها، العناية الطبية، والوظائف، واعتمدت كل المشاريع التي تخلق نمواً اقتصادياً في المدن الرئيسية، بحيث نعاني اليوم من الضغط على المدن الرئيسية، والأهم فإن المدن الأخرى (وباستثناء بعض المدارس، لغرض توظيف مدرسين، ومدرسات) فلا فرص عمل أخرى. أين وزارة التخطيط، والمجلس الاقتصادي من معالجة ذلك، وبكل صراحة أصبحنا من أكثر الشعوب تبرماً بوضعنا في المدن الرئيسية، بسبب التكدس، وحركة المرور، في حين أن مدننا الصغيرة وقرانا تعيش حالة موت تدريجي. ولئلا أبدو سوداوياً، فسأقدم اقتراحاً، وهو اتخاذ قرار بأن كل الجامعات الأهلية، ومعها جميع معاهد التدريب الحكومية والخاصة، وأي منشأة لا تحتاج إلى وجودها في مدينة كبرى، بنقلها إلى المدن، بخلاف المدن الرئيسية، أولاً لتخفيف الضغط، ثم لإنعاش الأرياف، والأطراف، وبدون ذلك ستتحول الرياض إلى قاهرة، وجدة إلى كراتشي، والدمام إلى لاجوس أخرى.

5 – الحملات التصحيحية للعمالة الأجنبية: بداية الحملة بينت بشكل جليّ، كم نحن غير مهيئين لإدارة مثل تلك الحملة، وكم من الاقتصاد الوطني قد نما معتمداً على تلك الملايين من العمالة غير النظامية، وكم هي نسبة قليلة من السعوديين قادرة على الإحلال. ومع كل ذلك فكلنا نرجو الاستمرار في ذلك الجهد، وعدم الاسترخاء، لأن التأثير السلبي لتلك العمالة قد تجاوز إيجابياتها بكثير.

6 - مؤخراً صارت لدينا مشكلة تزوير الشهادات، وكثير منها في المجالات الحياتية الهامة، كالهندسية (المباني)، والطبية (صحة البشر)، وأخرى إدارية، (همها الحصول على حرف الدال، وضمان وجاهة مزعومة).

7 - سؤال أخير ومهم، نحن جيل الكبار سناً، وقد اتخذنا كل القرارات المتعلقة بالوطن، ونعرف أن 70% من الشعب السعودي هم أقل من ثلاثين سنة، وهم من تشرَّب التقنية، ووسائل التواصل الاجتماعي، ثم نحاول إعادته إلى ذات القمقم، الذي قبله جيلنا، وهذا من المستحيل!! فكيف تحول جيل الشباب، وهم مصدر القوة الاقتصادية، إلى همٍّ اقتصادي؟ الجواب هو التهميش لهم، وعدم إشراكهم في عملية القرار.

8 - المرأة السعودية: كم حاولت الدعاية التقليدية، وعلى مدى سنين أن تروّج إلى أن المرأة مكرّمة في مجتمعنا، حتى توفرت وسائل التواصل الحديثة، وتبين كم من قضايا العنف والإساءة، قيدت ضد المرأة، ومن قبل المؤسسات التي تدعي تكريمها، خصوصاً فيما يتعلق بحقوقها كزوجة وأم ووريثة، ومرة أخرى كيف تحول نصف المجتمع من مصدر إنتاج محتمل، إلى حالة عبء، وهم اقتصادي؟! إنه التهميش الذي استخدم فيه مسمى الدين، لتبرير عادات، وتقاليد اجتماعية بالية لا علاقة لها بالدين.

mandeel@siig.com.sa

مقالات أخرى للكاتب