Monday 06/01/2014 Issue 15075 الأثنين 05 ربيع الأول 1435 العدد

لكي لايكون تعليمنا على خطى الوجبات السريعة

خالد الحاجي

على ما يبدو أننا نحذو في تعليمنا حذو الأكل والمشرب، فمع انتشار مطاعم الوجبات السريعة وتهافت الناس عليها بشكل خيالي وكأنه فتح عظيم فلا تمر من أمام أحدها إلا وترى صفوفاً طويلة من الناس والسيارات كل ينتظر دوره ليحصل على وجبته مع أن ثمنها مرتفع وغير صحية؟ ويقودنا هذا الحديث إلى العملية التعليمية وليست التربوية، فالفرق كبير بينهما، فقد انتقلت عدوى الوجبات السريعة إليها وصرنا نقدم للطلاب وجبات تعليمية سريعة مختصرة جداً مفصلة على قياس أسئلة الاختبارات وهي غالباً ما تكون أسئلة وأجوبة بدون أية عبارة من فقرات الدروس فيحفظها الطالب وتنطبع في ذاكرته كصورة فوتوغرافية فيعكسها على ورقة الاختبار كجهاز إسقاط، وقد تأتي أسئلة الاختبار بالصيغة نفسها التي وردت بالوجبة.. عفواً.. بالملخص وحتى الأرقام؟ وللأسف نقول لو تغيرت الصيغة أو الأرقام قليلاً لما استطاع كثير من الطلاب الإجابة لأنه قيدوا عقلهم وفكرهم بتلك الوجبات التعليمية دون استخدام المنطق والتحليل والتركيب وما إلى هنالك من أنماط التعلم التي من المفروض قد عرفها الطالب التي تساعد على الفهم والاستيعاب، ومن ثم إعمال العقل بالتفكير السليم ليظهر أسلوبه وإبداعه لأن يكون أداة تفريغ لحمولته الحفظية على ورقة الاختبار. ثم نأتي بعد ذلك ونصب جام غضبنا على مخرجات التعليم نظراً لتدني مستواها دون أن نطرح على أنفسنا سؤالاً مهماً من المسؤول عن هذا؟ ونعرف الأسباب لنتلافاها أليس الأسلوب المتبع في التدريس بدءاً من المعلم إلى أعلى مسؤول في العملية التربوية، أليس انتشار الملخصات كسرطان أخذ ينخر فيها فجعلها عليلة وأوصلها إلى هذا المستوى المتدني وصرنا نلمس تعليماً مقزماً هجيناً سريع النضوج شكلاً لا مضموناً كما هو الآن مع ما نتناوله من خضراوات وفواكه ولحوم.. يعجبك المنظر والبريق ولكنها من الداخل يكمن فيها البلاء ومن ثم الداء، مرة أخرى لا نلوم المخرجات أبداً بل نلوم المسبب والمتهاون لما يحصل، فالطلاب في يومنا هذا لا يهمهم إلا الحصول على نسبة 100% بأي طريقة كانت، فالقبول في فرع مرموق هذا ثمنه؟ ثم تشتكي الجامعات من المستوى المتدني للطلاب أليس هذا الشبل من ذاك الأسد؟ فكثير من بعض القائمين على العملية التعليمية في الجامعات ليسوا ببعيدين عن هذا الموضوع فقد كانوا أحد مكوناته سابقاً، نرجو إعادة النظر كلياً في العملية التربوية برمتها لنجعل من طلابنا طلاب تفكير وتحليوتركيب ومن ثم يتأتى الإبداع لا أن تستمر الوجبات السريعة للحفظ والتفريغ.