Thursday 09/01/2014 Issue 15078 الخميس 08 ربيع الأول 1435 العدد
09-01-2014

سلاح التشهير

انتشر في الآونة الأخيرة استخدام البعض لسلاح التشهير، مع العلم بأن التشهير لا ينفذ إلا بأمر قضائي، وهناك فرق واضح بينه وبين التحذير، إضافة إلى أن هناك العديد من الضوابط المرتبطة بالتشهير منها تحديد من بيده صلاحية التشهير؟ وتوضيح ما هي آلية التشهير؟

وهل يقع التشهير إذا ما ارتبط بوسائل معينة أم يقع لو تم من خلال أي وسيلة إعلامية، ولو كانت من خلال وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة؟ وهل يحق للمتضرر من هذا التشهير أن يعترض؟ وما هي الجهة التي يمكن أن يلجأ اليها ويقدم اعتراضه لها؟.

التشهير في اللغة من الإشهار وهو الإيضاح والظهور وهو ضد الإسرار والإخفاء. وقد يستخدم في الخير؛ مثل: إشهار الزواج، وتكريم الفائزين والمبدعين. أو في الشر، وهو في الاصطلاح: إشاعة السوء عن إنسانٍ، وفضحه بين الناس، وقيل: هو الانقماع لقبح الفعل. ومن مرادفات التشهير: التشنيع، والإشاعة، والفَضْح، وهناك التشهير المشروع، والتشهير الممنوع. فمن التشهير المشروع قوله تعالى في عقوبة الزانية والزاني {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أما التشهير الاجتهادي: ما يراه القاضي باجتهاده رادعاً وزاجراً؛ مثل جلد المجرم في الأماكن العامة، أو النشر عن جريمته في وسيلة إعلامية، وهناك تشهير محدود وشائع فالمحدود ما يكفي وصول خبر الجريمة لفئة من الناس كأهل السوق أو المدينة، والشائع ما كان عاماً ليصل لأكبر قدر من الناس وهناك تشهير دائم ومنقطع، وهناك تشهير حدي وآخر تعزيري، وهناك تشهير بالوسيلة كالتعريض لسخط العامة أو الهجر في الكلام أو الهجاء.

ومن وسائل التشهير النشر في الصحف أو في المنتديات عبر الإنترنت واستخدام الرسائل الإلكترونية أو الإشاعة عن طريق المطبوعات أو الصور أو التويتر او الفيسبوك أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والتي لم تعد تنحصر اليوم على أهل حي واحد بل تصل للعالم في ثوان معدودة.

ومن غايات التشهير هو أن يكون رغبة في التحذير من التعامل مع المشهر به أو ردع الآخرين أو اتخاذ احتياطات معينة في التعاملات أو مقاومة شر والسعي نحو إظهار المساواة والعدل وتوثيق التعاملات، وهناك شروط للتشهير في مقدمتها وجود نص في حكم قضائي بالتشهير، إضافة إلى وجود عقوبات وحدود لمن يتجاوز هذا الأمر..

وتختلف عقوبة التشهير باختلاف المخالفة؛ فإن كانت المخالفة تمس الدين الإسلامي أو غيرها من المصالح العليا فإن ذلك يقتضي رفعه إلى جهات عليا لاتخاذ الإجراءات النظامية بشأن إقامة دعوى قضائية أمام محكمة مختصة، وإما أن يتم التشهير عبر وسيلة إلكترونية وهو ما يحدث اليوم، فهذا يخالف ما جاء في اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الإلكتروني ويعاقب المخالف بالسجن وغرامة مالية أو أحدهما.

وهناك فرق شاسع بين التحذير من وجود مخالفات في قطاع ما وبين الإشارة إلى الجهة المخالفة تحديداً فأساس التشهير هو إيجاد الجانب الوقائي والردع أمام الغير لأن في التشهير تشويها للسمعة وهو عقوبة لا ينحصر أثرها في من تم التشهير به فقط بل يتعدى ذلك ليشمل في بعض الأحيان أسرته وأقاربه وأي طرف آخر له صلة به.

لقد أصبح سلاح التشهير اليوم بيد الكثيرين ومن هؤلاء من لا حق له بامتلاك مثل هذا السلاح، ومن هؤلاء من يستخدم هذا السلاح بلا ضوابط أو شروط ومن هؤلاء من يستخدم هذا السلاح بلا حق، فكيف يمكن أن نسيطر على هذا السلاح قبل أن يفتك بمجتمعنا؟.

مقالات أخرى للكاتب