Friday 10/01/2014 Issue 15079 الجمعة 09 ربيع الأول 1435 العدد
10-01-2014

أسعد رجل في الرياض

حكى لي الأخ الصديق أحمد الكعيد قصة رجل يدعى (سالم) ونقل لي شيئا من شخصيته خلال ساعة زمن رافقه الأخ أحمد حيث باح بذات نفسه فيها وأذاع مافي صدره وكشف عن شيء من طباعه؛ مقدما العديد من الدروس العظيمة في السعادة أكتبها لكم بتصرف فمن هو سالم وما هي قصته؟ سالم شاب في عقده الثالث يملك (سطحة) لنقل السيارات ويعيل أسرة كبيرة بدخل لايتجاوز ثلاثة آلاف ريال ويعمل في مهنة شاقة تحتاج لصبر وجلد وتأهب مستمر وسعة بال كبيرة، يظن من يراه أنه أليف شقاء وصريع هم والحقيقة أنه كان أستاذا في فلسفة السعادة وفي ثقافة الاستمتاع بالحياة، سالم يؤمن بأن الحياة هبة من الله لذا اتخذ قراره بالسعادة فيها وأن لايعكر صفوها معكر؛ حيث فتح قلبه للخير وحرر فكره للتطوير وهو على يقين أن الحياة ستقدره مؤكدا على أن أهم قوانين السعادة في الحياة هو التفكير الإيجابي، فدونك دروس سالم:

1 - تفاؤله (اللامحدود) وحسن ظنه بالله حيث يؤكد أن لايحمل هم رزقه وإن تأخر في يوم بعدم وجود زبائن فهو على ثقة بأن الكريم (سيمنّ) عليه من فضله والأمل دائما يحدوه بتحسن الحال،جعل القناعة مركبا والقصد مذهبا فأمن سربه وسكن قلبه وهدأ جأشه؛ فالعافية والأمان وكفاية يوم (قوة)عظيمة تتيح للإنسان أن يسعد وأن يفكر بهدوء وثبات

2 - الرضا عن الحياة وعن النفس فلم يشتك حالا ولم يلعن ظرفا ولم يندب حظا بل اطمئنان ورضا استوطنا روحه وانعكس ذلك على محياه الجميل، والشعور بالرضا والسلام (صناعة) داخلية لاتهدى ولا توهب وفي هذا الشأن سئل العالم النفسي وليم ملتون 300 شخص:من أجل ماذا تعيش فأجاب 90% منهم أنهم ينتظرون حدثا ما (سيارة زوجة منزل)! إنهم أسرى عقارب الساعة في انتظار مجهول يكون أو لايكون!

3 - ثقته العالية واعتزازه الكبير بنفسه فكان يفتخر بأنه يعمل في مهنة شريفة يساعد المحتاجين ويعين المضطرين وذكرني بقصة ثلاثة عمال الذين مر عليهم عابرا وهم يعالجون حجارة ثقيلة فسألهم ماذا تفعلون فقال الأول :أكسر حجرا والثاني قال: أجني 5 دولارات وقال أعقلهم :أبني قلعة عظيمة!!

4 - يؤكد سالم الحكيم على أن سعادته نابعة من شيئين عمل يحبه (العمل بالسطحة) وشيء يحبه (أولاده).

5 - بالرغم من (قسوة عمله) إلا أن سالم كان معتنيا بأناقته حريصا على هندامه فالحذاء نظيف والغترة مكوية والثوب جميل.

6 - شغفه بالتعلم وحرصه على تطوير نفسه وحكى سالم أنه التحق بأكثر من دورة تدريبية في تعلم اللغة والحاسب مؤكدا على أن طبيعة عمله وضيق حاله لن يحولا بينه وبين التطور.

7 - تثمينه للنعم وتقديره للمنح وهو ما غفل الناس عنها فما يفتأ يشكر الله على نعمة الصحة والأمن وعدم الحاجة للناس و على امتلاكه بيتا صغيرا وأسرة متماسكة،قد آمن بأنه من الحماقة أن يتحول (المال) لهدف مقصود لذاته تذوب في جمعه المهج وترتخص العافية وتجتلب الهموم.

8 - ابتسامته الدائمة وروحه الطيبة وقلبه الودود، فما برح يمازح هذا ويداعب هذا، شخص جعل من الفرح والأنس (بندا) هاما في قائمة أعماله اليومية، وأمثال هولاء يجبرون من يتعامل معهم على مبادلتهم الاحترام و إكرامهم، ويكفي الودود أنه بحسب الدراسات هو أكثر البشر سعادة واستمتاع!

9 - من سمات سالم (الهدوء العجيب) فرغم حدوث مشكلة كبيرة في (تحميل) السيارة فبقي هادئا مطمئنا لم يترك فرصة للروع نهش روحه ولا الأمواج إغراقه ولا العواصف أن تلقي به في مكان سحيق،و مستحضرا قانون: إذا نزلت مصيبة فلن يجدي شخصا فقد الرشد!

10 - حكى سالم أنه ذهب مع زبون لمشوار لمنطقة (ربيع) قرب الرياض ويقول: بعد ما انتهيت أوقفت (سطحتي) وتنزهت واستمتعت بالمنظر الجميل مع شاي أعددته وشربته بمزاج واستمتاع، شعور يقظ وأحاسيس منتبهة شخص يتلمس السعادة في كل شيء حتى فيما يراه الناس عاديا!

11 - حرصه على أسرته وتخصيص وقت لهم لايقبل الاستثناء، يلاعب فيها صغاره ويحضنهم بحب و ود، والخروج معهم للحدائق العامة أو البر وتناول وجبتهم المفضلة طبق فول وخبز تميس (متعة بأقل التكاليف).

12 - أغلظ أحدهم القول لسالم فلم ترتفع له يد ولم يستطل له لسان وما ظهر منه طيش ولم تلح من سفاهة بل كان هادئ الطير ساكن الريح قاصد الهدي والسعيد،همة عالية وصدر واسع وقدر رفيع وسريرة نقية!

13 - يؤمن سالم بأن اليوم الجيد لابد أن يبدأ ببداية جيدة فيذكر أنه يبدأ يومه بصلاة وورد ثم يخرج مع نسمات الفجر العذبة حيث يتنفس بعمق ويملأ رئتيه بذرات الأكسجين النقية التي تنعش روحه وتملأ خزان طاقته ولسان حاله يقول :عند نهاية أي يوم سعيد عليك أن تدرك أن من اتسم بالسعادة هو أنت وليس اليوم!

ومضة قلم:

جميع البشر سيموتون ذات يوم، ولكن من منهم عاش حياة حقيقية؟!

khalids225@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب