Friday 10/01/2014 Issue 15079 الجمعة 09 ربيع الأول 1435 العدد

بين المصارعة الحرة و«التفحيط»

قبل خمسين عاماً أي في 9 ربيع الأول 1385هـ تم بث البرامج من التلفزيون السعودي وبدأت بآي من الذكر الحكيم وفي ذلك الوقت لم يكن المسؤولون في وزارة الإعلام قد عملوا شعاراً للتلفزيون فتم إظهار صورة تلفزيون مصغّرة في أعلى الشاشة من اليمين. طبعاً كل البرامج في ذلك الوقت أبيض وأسود فقط وكان من ضمن البرامج عرض جولات المصارعة الحرة التي نشرت (الجزيرة) عنها بصوت الراحل المعلِّق إبراهيم الراشد - رحمه الله- والتي أيضاً كانت باللون الأبيض والأسود وكانت الغالبية العظمى من مشاهدي تلك الرياضة العنيفة هم من كبار السن نساءً ورجالاً ومع تطور التكنولوجيا جاء البث الملوّن عام 1398هـ فزاد مشجعو المصارعة من الفئات الصغيرة في الأعمار. يمكن القول بأن لعبة المصارعة الحرة تعتمد على مراهنات ومضاربات وكمال أجسام ودعاية وإعلان وتلك التجارة تشتهر في الولايات المتحدة الأمريكية. واستطاعت الشركات المشرفة على برامج وجولات المصارعة أن تجعل منها تجارة تدر أموالاً طائلة لأن معظم المتعهدين في أوروبا وشرق آسيا وبعض دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة قد عمدوا إلى طلب زيارة مجموعة من المصارعين للكسب المادي أما الأساليب الجاذبة لجمهور المصارعة فهي فن الإضاءة والإخراج الجيد والملابس المختلفة والمتميّزة لكل مصارع وقد يكون الحضور الجماهيري لبعض مباريات المصارعة أكثر جمهوراً من بعض مباريات كرة القدم لأن الجمهور يبحث عن المتعة المتجددة كما هو موجود في المصارعة. والواضح أن كل فرد من الجمهور يميل إلى تشجيع أحد المصارعين ضد مصارع آخر لأنه يتخلّل الجولات عنف مدروس. عندما تستخدم المطارق والسلاسل والسلالم وغيرها ويكون العنف أكثر شراسة عندما يكون هناك تحد بين المصارعين بحيث تكون الجولات داخل الشبك الحديدي أو عندما تكون المراهنات على حزام معلَّق ويحتاج الوصول إليه إلى استخدام السلالم التي يتخذ منها بعض المصارعين أداة لهزيمة خصمه.. الطريف في الأمر أن المشاهد المخيفة أثناء جولات المصارعة لم تعد تخيف صغار السن ولا تؤثِّر على سلوكياتهم. وبعض الكبار عندما يشاهد المصارعة يبتدئ بالزحف صوب التلفزيون وهو يندب المصارع الذي يشجعه بصوت عال. وقد احتاطت اتحادات المصارعة الحرة بأن يكون بين الجولات تحذيراً بمخاطر استخدام المصارعة في المنزل أو المدرسة حرصاً على سلامة مشاهديهم نظراً لما يترتب على محاولي تلك الرياضة من إصابات بالغة. وبعحوالي شهر أو يزيد قليلاً سيصل إلى عاصمة المملكة الرياض فريق من المصارعين القادمين لأول مرة من الولايات المتحدة الأمريكية وسيكون المكان المحدد لجولاتهم الصالات الخضراء أو صالات الدرعية الرياضية مع العلم بأن رسم الدخول لتلك الجولات سيكون أعلى بكثير من رسم دخول ملاعب كرة القدم، وحسب معرفتي أن المؤيِّدين لجلب تلك الرياضة للمملكة أقل بكثير من المعارضين لوجودها. على الرغم من أن التنوّع في جلب وسائل الترفيه إجراء صحي ليقتل بها وقت فراغ الشباب كما أن جولات المصارعة الحرة عبارة عن مدرسة في الإقدام والشجاعة والحماس وأجيال الشباب بحاجة ماسة إلى الانفتاح على ثقافات العالم في الفن والتمثيل والرياضة بدلاً من أن يقوم الشباب بممارسة الهوايات القاتلة مثل هواية التفحيط أو السرعات العالية بالمركبات أتمنى أن تذلّل العوائق لإيجاد المزيد من وسائل الترفيه البريء لكي تقل أعداد الذين يسافرون خارج البلاد للبحث عن وسائل الترفيه.. متع الله الجميع بالصحة والعافية. وبالله التوفيق.

إبراهيم محمد السياري - الرياض