Saturday 11/01/2014 Issue 15080 السبت 10 ربيع الأول 1435 العدد
11-01-2014

(لمى) تؤكد لكم!!

لمى: غابت عن الدنيا ولم تغب عن القلوب، جعلها الله شفيعة لأهلها، ومع الرحيل قدّمت موعظة ودرساً عميقاً وأنجزت مشروعاً كبيراً، لو بقيت على قيد الحياة ودرست وتعلّمت تعليماً عالياً متخصصاً في خطورة مثل هذه الآبار وقدمت مشروعاً بحثياً لجهات الاختصاص، فلربما بقي مشروعها بالأدراج، تؤجَّل دراسته من مسئول لآخر حتى يتم نسيانه كغيره من مشروعات وأفكار يقدمها متحمسون، فتقابل بالبرود من مسئولين عن إدارات خدمية لم يعيروا لها اهتماماً، لأنهم لعدم كفاءتهم جعلوها من الأمور الثانوية، وبتراكم الثانويات عندهم تفقد أهميتها ثم تنتقل لمن يتولّى الإدارة بعدهم فيعدّها من مخلّفاتهم، بزعم أنه جاء للتجديد وليس لنفض غبار ملفات قديمة، ثم تتراكم ملفاته هو الآخر (وهذه نتيجة الإدارة مع عدم الكفاءة) وهكذا، إلى أن يقيّض الله حادثة منبهة كحادثة (لمى) لنجد كل مدير يسارع لتقديم المبادرات والاقتراحات للموضوع مدار حديث المجتمع والمسئولين، وتملأ صورهم الصحف ونشاهد بعضاً منهم لأول مرة على شاشة التلفاز بعد محاولات مجهدة للظهور لتبيان حكمته واقتداره في هذا المجال، وللتأكيد أنه وإدارته كانوا بالفعل (ينوون) القيام بالأعمال التي تحد من وقوع مثل هذه الأحداث المؤسفة، وبعد حادثة لمى ظهرت عشرات الآبار المكشوفة الخطرة، وتناقلت الأخبار سيلاً من الصور المرافقة تبرز حجم المشكلة وأنها لا تقتصر على مدينة أو قرية، والأغرب أنّ كثيراً من الأخبار تتضمّن تصريحاً لمدير أو موظف مختص، يؤكد أنه (تجاوباً مع ما نُشر) فإنّ البئر الفلانية قد تم ردمها !! وهو يزعم أنه بذلك قد برّأ ساحته وإدارته من تبعات المسئولية، والحقيقة أنه قد كشف أنه كعدمه، وللإنصاف تلزم الإشادة بجهود جهات تؤمن بمبدأ المسئولية الاجتماعية كانت على وعي بهذه المخاطر وعملت على تداركها، من ذلكم برنامج (الفوزان لخدمة المجتمع)، وهي كما أعلن المسئول عنها عبر الصحافة، مبادرة تهدف إلى تسوير الآبار الخطيرة والمهجورة في المنطقة الشرقية ووضع علامات إرشادية على فوهاتها، وأنهم نجحوا في تسوير 400 بئر منتشرة في صحراء المنطقة الشرقية، بالتعاون مع مديرية الدفاع المدني منذ عام 2009، كما أطلقت بعض المجالس البلدية النابهة (هاشتاق) عبر تويتر للإبلاغ عن أي آبار مكشوفة ليتم ردمها، وهي وإن كانت جهوداً طيبة إلاّ أنها قد تأخرت كثيراً، وكان للطفلة لمى الفضل فيها، ويمكن تثمين صحوة الجمعية الوطنيلحقوق الإنسان حين شدّد المتحدث الرسمي باسمها على ضرورة أن يبادر الدفاع المدني بإجراء عملية تأهيل شامل للتعامل مع هذه الحوادث، من خلال الحصول على كل المعدات والأجهزة اللازمة، إضافة إلى العمل على تدريب الأفراد على كيفية التعامل مع الحوادث المستجدة، وأن تتواصل مع الأجهزة المماثلة في الدول الأخرى للاستفادة من تجاربها في كيفية الإنقاذ والتعامل مع هذه الحوادث، ودعا وزارة الداخلية إلى أن توجه إمارات المناطق لضرورة الإسراع في تشكيل فرق أزمة للتعامل بأساليب احترافية بعيداً عن الاجتهادات الفردية مع الحوادث التي تفقدنا الأرواح، وهنا وقفة ضرورية ملحّة عند قوله (فرق أزمة)، فكثيراً ما نادت الأقلام بهذا الرأي، فالاستعداد للأزمات والكوارث هو الجزء الأكبر والأهم للعلاج.

t@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب