Saturday 18/01/2014 Issue 15087 السبت 17 ربيع الأول 1435 العدد
18-01-2014

رحيل أستاذ الصياغة الصحفية

ودعت الأسرة الصحفية الزميل الأستاذ محمد بن عبدالعزيز أبا حسين رئيس تحرير الجزيرة سابقاً ونائب رئيس تحرير جريدة الرياض سابقاً.

محمد أبا حسين قبل أن يكون قيادياً في الصحافة السعودية كان مهنياً بجد لا يضاهيه أحد في فن الصياغة، وخاصة في مواضيع التحقيقات والأخبار المحلية، كان يتميز بالجلد والجلوس يتعامل مع الحرف والكلمة ساعات طوال دون أن يشعر بالملل، ومع أنه (حبيب) لا يكره أحداً ولا يحقد على أحد، وقد انتقل إلى رحمة الله دون أن يكون له أعداء، إلا أنه لن يتسامح في عدم التعامل مهنياً مع الأعمال الصحفية، يريد دائماً أن يكون العمل الصحفي مكتملاً، وأن تكون صياغة الموضوع شاملة لكل جوانبه، وأن يلم المحرر بكل جوانب الموضوع، كان يسعى للكمال على حساب الوقت، ولذلك كان ممن يصنفون كالصاغة الذين يبرزون جمالية الذهب، كذلك محمد أبا حسين كان يبرز جمالية الفكرة ويبث في التحقيقات الصحفية الروح ويجعل الكلمة تنطق.

والذين عملوا مع أبا حسين لا يرونه كثيراً داخل مبنى الجريدة، إذ يفضل دائماً أن يكون بصحبة الورق والقلم ينكب على أعماله دون أن تسمع له صوتاً وبلا ضجيج، فقط يتعامل مع مخرج الصفحات والذين يقومون بصف الكلمات وعندما أدخل الحاسوب في العمل الصحفي، فاجأ الاستاذ محمد أبا حسين الجميع بأنه الأكثر إتقاناً وتعاملاً مع (الكمبيوتر) وتفوق على الجميع في التعامل مع وافد التقنية الجديد حتى على المحترفين، وأصبح مرجعاً للصف الإلكتروني والتقنية الصحفية، وهو ما طور قدراته التحريرية التي وظفها لتحسين عمل (الصياغة) في الصحيفتين اللتين عمل بهما.

وإذا كان من صفات المبدعين والمتميزين دائماً القلق والتوتر المرتبطان بالعمل، فقد كان المرحوم دائماً قلقاً ومتوتراً على المنتج الذي يشرف عليه ويظل يراجع ما يكتب ويعدل حتى يسعفه الوقت، كان دائماً يبحث عن الأفضل، ولهذا فكل الذين عملوا مع أبا حسين والذين عمل معهم يعلمون علم اليقين أنه لم ينفذ عملاً إلا وأتقنه، ويمكن القول بأنه كان معلماً وصاحب مدرسة خاصة في صياغة وتحرير التحقيقات الصحفية والأخبار المحلية، وبالذات في اختيار العناوين وبناء المواضيع بالتركيز على البنية التحريرية التي لا يعرفها الكثيرون والذين تسبق أسماءهم صفات الأستاذ محمد أبا حسين يرحمه الله.

كان بحق أستاذاً وصاحب مدرسة في الصياغة فقدته الصحافة مبكراً، وفقدنا أخاً وعزيزاً قد لا يتكرر مثله.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب