Sunday 19/01/2014 Issue 15088 الأحد 18 ربيع الأول 1435 العدد
19-01-2014

متصدر لا تكلمني!

نعم نحن في الصدارة، لكنها صدارة معيبة ولا تُشرفنا؛ مع ملاحظة أنني هنا أتحدث عن حوادث المرور في المملكة وليس عن نادي (النصر) المتألق هذه السنة.

ضحايا المرور في المملكة تجعلنا للأسف في الصدارة عالمياً دون منازع كما يؤكد الخبراء، فمعدّل الوفيات في حوادث الطرق في السعودية هو 17 شخصاً يومياً، أي شخص كل 40 دقيقة، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفاً سنويّاً.. تصوّروا؟

و قد وصف «العقيد الدكتور زهير بن عبد الرحمن شرف» مدير الأنظمة واللوائح في مرور منطقة المدينة المنورة، الحوادث المرورية بـأنها (إرهاب شوارع)، لا تقل خطورته عن الإرهاب الإجراميّ المُنظَّم؛ مشيراً إلى أنّ السعودية تحتل المركز الأول عالميّاً في عدد حوادث الطرق!

المفاجأة أنّ صحيفة (الاقتصادية) ذكرت في تقرير لها أنّ (ساهر) لم يؤثر في خفض عدد الوفيات بل زادت معدلات الوفيات بعد تطبيقه؛ يقول تقرير جاء في عددها رقم 7401 الصادر في 15 يناير 2014 م : (ارتفعت حصيلة الوفيات نتيجة الحوادث المرورية في السعودية خلال عام 2012 بنسبة 24 %، إلى 21 حالة يومياً، مقارنة بـ 17 حالة في عام 2009 قبل تطبيق نظام «ساهر» للمرور، وتصدّرت منطقة مكة المكرمة بقية المناطق في أعداد الوفيات والمصابين خلال عام 2012، بنسبة 25 % من إجمالي الوفيات و27 % من إجمالي الإصابات، فيما جاءت منطقة الرياض الأعلى في عدد الحوادث بـ 28 % من إجمالي حوادث المرور في السعودية، بحسب بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات) .

هل هذا الكلام معقول؟ .. وهل الالتزام بضوابط السلامة المرورية أصبح حلاً بعيد المنال، لم تُجدِ لفرضه كسلوك حتى العقوبات المالية؟.. دعونا نرى..

اتصلت بالمعنيين في الإدارة العامة للمرور لسؤالهم عن مدى صحة تقرير «الاقتصادية»، وتأكد لي من خلال نقاشي معهم أنّ مصدر الاقتصادية صحيح ودقيق، غير أنّ توظيف المعلومة في التحليل، وبالتالي ما انتهت إليه نتيجة التقرير، غير صحيحة كمؤشر.

مصلحة الإحصاءات التي اعتمد على أرقامها التقرير تتحدث عن (منطقة الرياض)، وليس عن (مدينة الرياض)؛ وساهر طُبق (فقط) في المدينة وليس في (منطقة الرياض) بجميع محافظاتها؛ وبالتالي فإنّ المقارنة كي تكون صحيحة يجب أن تقارن الحوادث في (الرياض) المدينة قبل ساهر بالحوادث في (الرياض) المدينة بعد ساهر لنصل إلى مؤشر صحيح .

أما الأرقام فتقول عن مدينة الرياض (حصراً) - مثلاً - إنّ الحوادث انخفضت بعد تطبيق ساهر انخفاضاً ملحوظاً.. ففي عام 1433 هـ كانت الإصابات 2212 المتوفين منهم 499 وفي العام الذي يليه 1434 هـ - (بعد تطبيق ساهر) - انخفضت الإصابات إلى 1530 والمتوفين منهم 463. وحسب البيانات التي زوّدتني بها الإدارة العامة للمرور والتي أنقل منها هذه الأرقام، فإنّ جميع المناطق التي طبق فيها نظام ساهر انخفضت فيها الإصابات وكذلك الوفيات؛ وهذا يعني أن (ساهر) قد ساهم مساهمة رئيسة في خفض عدد المصابين والمتوفين؛ بمعنى أنّ التوسع في تطبيق نظام ساهر ليشمل جميع مناطق المملكة سيساهم (حتماً) في انخفاض هذه الحوادث وبالتالي الوفيات.

أعرف أنّ هناك تذمراً شعبياً من ساهر؛ غير أنّ الإنسان، أي إنسان، إذا تعود على (الفوضى) وعدم الانضباط وشبَّ وربما شاب عليها، فلن يستسلم ويرعوي بسهولة عندما تُطَبّق قوانين وأنظمة من شأنها محاصرة سلوكياته الخاطئة وحَملِهِ على الانضباط؛ سيحتج ويعترض في البداية، ومع الزمن سيتعود (سلوكياً) على الانضباط والتقيّد بالأنظمة.

وختاماً أقول : أرقام الضحايا مُروعة، وأي مواطن واعٍ لا يمكن أن يقف ضد أية آلية تسعى إلى مكافحة (إرهاب الشوارع)؛ المهم (الصملة) والإصرار وعدم التراجع ومزيداً من الحزم؛ أما المتذمرون فالانضباط وعدم المخالفة هو الحل وليس أمامهم حل سواه؛ ومن يصر على الفوضى والتسيّب ولا تهمه أرواح الناس فليتحمل ثمن فوضويته.

إلى اللقاء..

مقالات أخرى للكاتب