Tuesday 21/01/2014 Issue 15090 الثلاثاء 20 ربيع الأول 1435 العدد
21-01-2014

الدور الغائب للبرامج الثقافية في التلفزيون

استثارتني زميلتي ميسون أبو بكر بأسئلتها اللطيفة عبر برنامجها التلفزيوني المتوهج (الثقافة اليوم)، وزاد من تألق الموضوع استضافتها للشاعر الإماراتي جمال الحويرب للحديث عن (واقع البرامج الثقافية في القنوات التلفزيونية).

والحق أن ابتعاد بعض البرامج الثقافية عن تأدية دورها المتمثِّل بتنوير الناس والعمل لأجلهم لنشر الوعي والتواصل معهم؛ قد كشف عن وجود هوة عميقة بينها وبين المجتمع، حيث ظهر عجزها وابتعادها عن فعاليات الشارع المتسارعة، وهو ما يدعو للمطالبة بمراجعة أدائها ودورها التنويري، ورتق الفجوة والسعي لاستعادته.

أزعم أن دور البرامج الثقافية تنظيري أكثر منه عملي، ولعلي كنت منصفة ولم أكن قاسية بمشاركتي حين وصفتها بأنها شبه عصية عن التفاعل الحر مع أفراد المجتمع، بمعنى انغلاقها واتخاذها مكاناً منزوياً بدعوى الهيبة ورفضها الانفتاح على المجتمع بما فيه من حراك يحوي الفوضى والتذمر والمتناقضات والهموم البسيطة وملاحقة لقمة العيش.

وفشل البرامج أو نجاحها يكون بحسب مشرفيها ومعديها ومقدميها، فهم أصناف من المثقفين؛ بعضهم ساكن لا دور له في مجتمعه، منغلق يميل إلى الجمود، فهو يعيش بعيداً عن الناس أو خارج من نطاق الزمن، أو يوجه اهتمامه للنخبة ويتحدث بخطاب القلة، أو تراه مستبداً يرفض الآخر ولا يتحدث إلا بلغة الإقصاء والنفي ويمارس القمع والإرهاب، بينما ينجح الآخر حينما يكون مثقفاً شورياً أو ديمقراطياً يتحدث بلغة التعددية والتعايش والتسامح ويمارس الحرية والعدالة، فهو مثقف متحرك ينهض بدوره في المجتمع، منفتح ينتهج التجديد، متفائل يعشق العلم وينشر العدل ويزرع الحرية ويواكب الزمن ويعيش فيه، ويخالط الجمهور ويعايش الناس ويتحدث بخطاب الكثرة.

والحق أننا نحتاج برامج متحركة مع آمال الأمة وتطلعاتها، تتبنى الحرية والعدل والشورى وتخاطب جماهير الناس كلا بما يناسبه وليس (نُخبهم) كما هو حاصل الآن، كما يريد المشاهد برامج توعوية أكثر من فلسفية وتنظيرية! ولهذا فهي مطالبة بنشر رسالتها الثقافية داخل المجتمع المحلي وعلى الصعيد الإنساني العالمي، وتوسيع آفاقها ومنطلقاتها وأهدافها، وترسيخ مفاهيمها باللغة التي يفهمها عموم الناس مما يحدث تناغماً جميلاً لأنها تتحدث عن قضاياهم ومشاكلهم التي يعانون منها والظروف التي يعيشون تحت أسرها، والآمال التي تراودهم، والأهداف التي تعيش في أفئدتهم؛ وكسر القيود وفك الأغلال عن الإنسان، ورفع الظلم والحيف والاستبداد، ونشر الأمن والحرية والعدالة في المجتمع الذي ينتمون إليه، وبين الناس كلهم في شتى أرجاء الأرض. وأكاد أجزم أن البرامج عندما تصل لهذه القناعة فإنها سوف تؤدي دورها كاملاً.

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

مقالات أخرى للكاتب