Wednesday 22/01/2014 Issue 15091 الاربعاء 21 ربيع الأول 1435 العدد
22-01-2014

ظاهرة التفحيط .. جريمة جنائية !

حسنا، فعل النظام السعودي حين قام بتحويل صلاحية البت في القضايا الناجمة عن ممارسة التفحيط، من إدارة المرور إلى المحاكم العامة، والجزئية؛ لتغليظ العقوبة، وردع المفحطين، الذين يتسببون في وقوع وفيات، وإصابات بين المارة أثناء ممارستهم لهذا الفعل ؛ لتغليظ العقوبة، وردع المفحطين ؛ ولتتحول هذه الظاهرة السلبية من مخالفة مرورية إلى جريمة جنائية في حق عام، باعتبار أن ما يقوم به المفحط من تعريض حياة الآخرين للخطر، والإضرار بالممتلكات - الخاصة والعامة - من القضايا الجنائية، وكفى به من ضرر.

يقف خلف ماراثونات التفحيط منظومة من الجرائم المركبة، كسرقة السيارات، والإطارات، وترويج المخدرات، والتغرير بالأحداث ؛ لتصب - في نهاية المطاف - في دائرة اللواط، وذلك بشهادة مفحطين سابقين، - إضافة - إلى تحريض الغير على انتهاج السلوك المشين نفسه، والقيام بتصوير تلك المشاهد، وبثها على شبكات التواصل الاجتماعي ؛ ليكون مجموع ما سبق جرائم تخل بالأمن العام. - وعندئذ - فإن حفظ ذلك يكون بإقامة أركان الأمة، وتثبيت قواعده، والعمل على درأ الاختلال الواقع، أو المتوقع فيها؛ انطلاقا من رعاية الشرع لها بما شرعه الله من أحكام، ومن مجموع نصوص الشريعة.

لطالما طالب أصحاب الرأي، والمشورة، باتخاذ الحلول النهائية في حق المفحطين، والتصدي لهم بأشد العقوبات، وأن تعتبر جريمة جنائية ؛ لأنها مشروع قتل للآخرين. ومن ذلك: المطالبة بتقنين العقوبات الرادعة لتلك الظاهرة، وألا يكون مرتكب المخالفة مشمولا بالتنازل عنه؛ لأن ما قام به يندرج في الحق العام ؛ حتى وإن لم يتسبب في إزهاق أرواح، أو آذاها، أما إن تسبب في ذلك، فهنا يأتي دور المدعي العام ؛ للنظر في حال المفحط، إن كان تسبب بقتل النفس عمدا، فيطبق في حقه حكم القصاص، وإلا فالحكم بالقتل تعزيرا، هو الفيصل في تقدير تلك العقوبة، انسحابا إلى النظر في حيثيات ملف الدعوى، وهذا ما قرره كثير من فقهاء الإسلام، كشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره، بأن « من لم يندفع شره إلا بالقتل، فإنه يقتل تعزيراً.

تذكر الإحصائيات، أن عدد قضايا التفحيط التي نظرها مرور الرياض - منذ بداية عام 1433هـ -، بلغت حتى - الآن - أكثر «1124» قضية، كما سجلت الإحصاءات الرسمية ما يقرب من «4000» وفاة سنويا، وقد يتضاعف هذا الرقم، إذا أخذنا في الاعتبار عدد من يموتون أثناء تلقي العلاج في المستشفيات، - فالحقيقة - أن الإحصاءات الرسمية، تشمل - فقط - من يموت في موقع الحادث، وتتركز الخسائر البشرية في فئة الشباب ، إذ يصل الفاقد إلى نحو «40%» من هذه الفئة، وهو ما يعني أن خسارة فادحة تقع في شريحة الفئة المنتجة في المجتمع. وتقدر الدراسات: أن نحو ألفي شخص من بين المصابين سنويا في حوادث المرور في المملكة، ينتهون بإعاقة مستديمة ترافقهم طوال الحياة، ويصل الفاقد الاقتصادي في المملكة سنويا إلى نحو «21» مليار ريال، أي نحو «4%» من إجمالي الناتج المحلي، ويشكل ذلك ما يزيد على ضعف النسبة في الدول الصناعية.

سيتم القضاء على هذه الظاهرة - بإذن الله -، عندما ندرك خطر هذه الجريمة من واقع اجتماعي، وأسري، وميداني. ولن نغرد خارج السرب، ما دمنا نؤمن أن القضاء على هذه الظاهرة ليس مستحيلا. فثقل هذا الملف، وما يشكله من خطر أمني، جرّم هذه الظاهرة من ناحية النظام التشريعي.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب