Thursday 23/01/2014 Issue 15092 الخميس 22 ربيع الأول 1435 العدد
23-01-2014

الكفاءة الإدارية ومعوقات العمل

العمل الإداري من أهم الأعمال التي يعلق عليها مستوى التنمية والتقدم الحضاري لكل دولة كل فيما يخصه، لذا كان اختيار الإداري الكفء من أصعب المهمات نظراً لما يتميز به من صفات قل أن تجدها في غيره، ولذا فإن مرجع فشل كثير من الأعمال راجع إلى سوء الإدارة في المقام الأول، مما يحتم على كل مسئول أن يراعي الضوابط والصفات التي يتصف بها الموظف قبل ترشيحه لعمله حتى لا تتكرر الأخطاء ونفقد المثالية في العمل.

وهناك صفات لابد من مراعاتها وهناك معوقات لابد من تلافيها عند الترشيح للعمل الإداري: فمن أهم الصفات: القدرة على تحمل المسئولية، وهذه لا يمكن معرفتها عن طريق المحسوبيات أو القرابة أو الزمالة أو الصداقة أو توافق البلد والجنس أو القبيلة، فإن هذه الاعتبارات هي سبب الفشل في الاختيار، وإنما يعرف ذلك بشهادة من يوثق بقوله وبالتجربة وطول الخبرة بعيدا عن أي اعتبار شخصي، فالنفع العام مقدم على النفع الخاص فقد تحسن إلى فرد وتسيء إلى مجتمع بأكمله.

ومن أهم الصفات عند الترشيح للعمل الأمانة في القدرة على حفظ سر المهنة، لأن من ينشر أسرار عمله فقد خان الأمانة ولا يؤمن جانبه.

وكذلك يجب أن يكون المرشح كفئا في قدراته الذهنية، فذلك مما يعين على سرعة الإنجاز وإدراك مآلات الأمور وأخذ الحيطة والحذر من أسباب الفشل قبل أن يدب الضعف إلى الإدارة بسبب غفلة وقلة تدبير من الموظف.

ومن أهم الصفات: كون المرشح ذا إحساس بالمسؤولية وحاجة الآخرين وعدم تأجيل عمل اليوم إلى الغد، فإن ذلك يعطى سرعة الإنجاز وحسن التجاوب مع المراجعين، مما يزيد في ثقتهم بالموظف ويكسبه الذكر الحسن. فإنما يسع الناس بعضهم بعضا بحسن أخلاقهم وطيب تعاملهم.

أما عن معوقات الترشيح فتأتي المحسوبية في المقام الأول، فمتى قدمت المحسوبية على الكفاءة فهذا طريق الفشل، والواقع يشهد لذلك في بعض الإدارات حينما تجد عددا من الموظفين من عائلة واحدة، أو لهم صلة وقرابة بالمسئول المباشر مع فقد الكفاءة الإدارية فيهم، وهذا مما منيت به بعض إداراتنا، بحجة (الأقربون أولى بالمعروف) وهذه العبارة لا تعني الانتساب للعمل الحكومي وإنما تعني الانتساب للعمل الخاص الذي يملكه الرئيس المباشر فهوله نفع قريبه من مؤسسته أو شركته لكونه له حرية التصرف في ماله، ويدخل في ذلك تلك السعودة الصورية التي لدى عدد من مؤسسات القطاع الخاص التي تمارس التحايل على النظام العام.

ومن المعوقات : التدني في اختيار الكفاءات البشرية الفنية بأقل الأسعار خاصة في مجال المقاولات والتعهدات والإنشاءات مما يعود أثره السلبي على المنتج، مع العلم أن المبالغ المخصصة للمشروع وضعت على أساس أفضل عرض وليس أرخص عرض، وهذا سبب ما تعاني منه بعض مشاريعنا التنموية والخدمات العامة.

ومن أهم معوقات التنمية حكر التنفيذ على منتج معين يملكه شخص مقصود لذاته دون البحث عن الأفضل، لأن الزمن كلما تقدم أحدثت التقنية أشياء جديدة أفضل من ذي قبل، ومن الأمثلة على ذلك الأجهزة الالكترونية ومنها الحاسب الآلي، لا بد من مسايرة التطوير الإلكتروني ومتابعته في حينه.

ومما هو جدير بالذكر كون المسئول المباشر قدوة لمن تحت إدارته في الانضباط وقضاء ساعات العمل بجدية وإخلاص، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، وأي خلل في أداء المسئول المباشر ينعكس أثره سلبا على بقية العاملين في الدائرة، فالكفاءة الإدارية تبدأ من رأس الهرم فإن كان جادا وحازما وأمينا ومخلصا انعكس أثر ذلك إيجابا على سائر العاملين.

وأرى أن مما يزيد في إنتاجية العمل وحفظ ساعاته: التخفيف من المشاغل التي تأخذ من وقت الموظف بلا مبالاة، ومنها: الإسراف في المكالمات الهاتفية بالجوال في كلام عادي يمكن تأجيله فكم من صاحب حاجة يقف وقتا طويلا أمام مكتب الموظف ينتظر انتهاءه من مكالمته، وهذا مما عم واشتهر ولا يكاد يخلو منه قطاع حكومي أو خاص.

ويضاف إلى ذلك الانشغال بقراءة الصحف المحلية: فلها دور كبير في ضياع ساعات العمل، ومن الحلول: أن لا توزع تلك الصحف على مكاتب الموظفين إلا في ربع الساعة الأخير من وقت الدوام.

ومن المؤسف أن هناك بعضاً من الموظفين يجعل صلاة الظهر حجة في التأخر عن العمل بعد الصلاة، فيقوم من مكتبه قبل الأذان بنصف ساعة ويتأخر عن عمله بعد الصلاة، فيكون قد أخل بوقت العمل من هذا الباب.

لا شك أن كثيرا من الأعمال الوظيفية تعاني إما من غياب الموظف أو كثرة اجتماعاته، أو تأخره عن الدوام أو خروجه قبل انتهائه، وهذا مما منيت به كثير من القطاعات الوظيفية، وما أحسن قول القائل: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

dr-alhomoud@hotmail.com

الاستاذ بالمعهد العالي للقضاء وعضو مجلس الامناء في الجامعة الاسلامية العالمية في بنغلادش

مقالات أخرى للكاتب