Saturday 25/01/2014 Issue 15094 السبت 24 ربيع الأول 1435 العدد
25-01-2014

أم أربعطعش وقمر أربعطعش

لمن لا يعرف هذين المصطلحين من القراء الكرام نقول بأن المصطلح الأول منهما يُطلق على الفتاة ذات الأربعة عشر ربيعاً، والتي في تقدير أبناء شبه الجزيرة العربية آنذاك قد اكتمل جمالها، وأصبحت جاهزة للزواج. أما المصطلح الثاني، فيدل على البدر عند اكتماله ليلة الرابع عشر من كل شهر قمري؛ وهي دلالة على أنه اكتمل ضوؤه، أو قوة ما يعكسه من ضوء الشمس (بمفهوم العلم الحديث)، وبذلك أيضاً يزداد جماله لديهم أو اكتمال فائدته بالسمر على ضوء البدر المكتمل إلى الصباح، أو لقاء المحبين والسهر الرومانسي على ذلك الضوء الخافت، وغير الكاشف لأمرهم خلافاً لمصادر الضوء الصناعية.

فما الذي يجمع هاتين الظاهرتين في هذا العدد المحدد؟ ولماذا لم يختر أبناء الصحراء العربية أعداداً لأعمار الفتيات المكتملات نضجاً وشباباً غير هذا العدد؟ مع أن الفتاة في العشرينات ستكون أكثر أنوثة واستدارة في نهديها وربما زيادة قليلاً في عجيزتها، التي تجذب الذائقة العربية. ولماذا لم يسعوا إلى الإشادة بقمر الثالثة عشرة أو الخامسة عشرة من ليالي التقويم القمري؟ هل لكونه يتوسط تلك الليالي البيض كما يسمونها في أدبياتهم؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن سن الرابعة عشرة بالنسبة إلى الفتاة ليس توسطاً في نموها أو نضجها، بل إن سن العشرين هو ما قد يمثل ذلك الاكتمال.

أظن الأمر يختلف عن ذلك؛ فقد يكون لمضاعفات عدد السبعة، ذلك الرقم السحري في المخيلة الشرقية، دور في اختيار هذا العدد من عمر الفتاة، والإشادة بتألقها عند بلوغه، وكذلك الاستسلام لقمر الليلة الرابعة عشرة، لما قد يحمله من إيحاءات تفاؤلية. فالقمر من الأجرام السماوية، التي يحرص العرب، وأغلب الساميين، على تضمين العدد سبعة في دوراتها، وفي أعداد بعض مجموعاتها، من أجل جلب الحظ إلى الناس أو المتيمنين بذلك العدد. كما أن الفتاة في عمر الزهور محتاجة إلى رقم يجلب إليها البخت، وخاصة في أمر الزواج الجيد والموفق؛ وليس من شيء يؤدي إلى ذلك مثل عدد السبعة ومضاعفاته.

فماذا عن سنتنا هذه، التي بدأت منذ أيام؟ هل لها من الحظوظ والبخت ما يحمله عددها الزائد عن العشرين قرناً، وهو أربعة عشر عاماً؟ أم أن هذه الأرقام في التقويم الشمسي لا تحمل الدلالات نفسها، التي تكون لها في التقويم القمري، لارتباطه بالثقافة الشرقية، والساميّة منها على وجه الخصوص؟

هذه السنة هي سنة الأسد في التقويم الصيني، والأسد ليس من الحيوانات ذات الدلالة الرمزية القوية في الثقافة العربية. كما يتوسط أخبارها أحد الأشرار المتسمين بهذا الحيوان، فهل هذا فأل خير، أم غير ذلك؟

أما عدد الرابع عشر من أعوام التقويم الشمسي، فإنه غير دافع إلى التفاؤل. ففي هذه السنة قبل مائة عام قامت الحرب العالمية الأولى، مع ما رافقها من ويلات وكوارث. وقبل مائتي عام كانت جيوش نابليون تجتاح البلدان الأوربية، وتلحق بها وبأهلها الدمار بسبب اقتناعه بأن عليه أن يحكم العالم ويتصرف في مقدراته. وقبل ألف عام كان الناس في منطقة شرق المتوسط – وهي للمصادفة المنطقة نفسها التي تسيطر فيها الأيديولوجيات الآن على مقاليد الأمور – يُقتلون بسبب دينهم أو عرقهم. فهل تعود إلى المنطقة تلك الآفة بعدما ظن كثير من الناس أن البشر قد تعلموا شيئاً من دروس التاريخ؟

لكن لننظر إليها من زاوية أخرى، هي أن مجموع أرقام هذه السنة هو سبعة، فلنوظفها في منظومتنا السحرية، ونكون أكثر تفاؤلاً في تقويمنا القمري .. ويا دار ما دخلك شرّ!

الرياض

مقالات أخرى للكاتب