Saturday 25/01/2014 Issue 15094 السبت 24 ربيع الأول 1435 العدد
25-01-2014

الرحيل الجماعي.. لماذا؟

يعود اليوم الآلاف من المواطنين إلى الوطن بعدما انتهت هذه الإجازة القصيرة، تزدحم بهم المنافذ والمطارات، وكأنهم لا يعرفون المتعة والسعادة والأُنس إلا خارج الحدود. وحين تتبع أماكن وجودهم، خاصة العائلات السعودية، عند السفر إلى الخارج، تجدها في مراكز التسوُّق، سواء في المجمعات التجارية في دول الخليج، أو في شوارع التسوُّق الشهيرة في دول أوروبا. ولو تتبعت خطوات هؤلاء في المراكز التجارية (المولات) لوجدت معظم الوقت يقضونه في التسوُّق والشراء، وفي المطاعم، وفي المقاهي أيضاً، وأحياناً في صالات السينما لمتابعة فيلم جديد أو ما شابه!

وبعيداً عن السينما، تجد أن معظم نشاطاتهم عادية ومتوافرة، ويمكنهم ممارستها وعيشها في الداخل، لكنهم لا يفضلون ذلك، وكأنما الابتسامة والراحة لا تكتملان إلا في مجمع السيف في البحرين، أو السيتي سنتر في الدوحة، أو في مول دبي، أو الإمارات مول!

ويبقى السؤال المهم هو: لماذا لا يشعر السعوديون بالراحة والسعادة في (مولات) الرياض وجدة والخُبر، بينما يشعرون بها في دبي والدوحة والمنامة؟ حتى لو لم يشاهدوا السينما أصلاً، لماذا يشعرون بأنهم أحرار هناك، ومكبَّلون هنا؟ لماذا يأتي السعوديون بوصفهم ثالث أكبر جالية تزور دبي بعد الروس والصينيين؟ لماذا أصبح المقتدرون منهم يبتاعون منازل هناك، بل إن بعضهم هاجر فعلاً للإقامة الدائمة في بعض دول الخليج؟

أرجو ألا تكون الإجابة هي البحث عن فرص عمل أفضل، ولا أنهم يحبون تغيير المكان، ولا أن هذه الأرقام مغلوطة؛ لأن منافذنا الحدودية في الجسر وسلوى والبطحاء، وفي المطارات، أكبر شاهد على هذا الرحيل الجماعي لفئات المجتمع كافة، من أثرياء ومتوسطي دخل، من شباب أفراد، ومن عائلات، وغيرهم.

أعتقد أن التسهيلات هناك، والخدمات السياحية المتميزة، وبساطة الحياة، وتوفير الأجواء الطبيعية في العلاقات الاجتماعية، دون ترصد وملاحقة وشكوك، جعلت الجميع يبحثون عن هذه الراحة والهدوء، بل حتى في علاقات السعوديين أنفسهم هناك اختلاف في البساطة، والنوايا الحسنة، والحب الفطري فيما بينهم، بما يجعل السعادة لا تخطئهم هناك!

وحين أقول التسهيلات والخدمات السياحية المتطورة فإن فارق الإقبال على الدوحة الآن، وقبل سبع أو عشر سنوات، مختلفٌ تماماً؛ لأنها ببساطة تطوَّرت بشكل سريع؛ فمكان مثل اللؤلؤة، الذي يشبه جميرا بيتش تقريباً، لا تجده في جدة، ولا في الخُبر أو الدمام، وغير ذلك من الأمثلة المتنوعة.

أتمنى أن يبادر أحد الباحثين، أو فريق بحث متخصص من كليات السياحة لدينا، أو من هيئة السياحة والآثار، بإجراء دراسة على هؤلاء الراحلين خارج الحدود خلال الإجازات القصيرة، وخصوصاً إلى دول الجوار الخليجي، ومعرفة اهتماماتهم وميولهم وأسبابهم، ونشر نتائج هذه الأبحاث، والاستفادة منها في هيئة السياحة والآثار، وأمانات المناطق، وشركات السياحة، بل عرض نتائجها على مجلس الشورى، للرفع بأي قرارات من شأنها تطوير الداخل، وجعله مكاناً لائقاً لقضاء الإجازات بدلاً من الهروب السريع إلى دول مجاورة؛ لأن ذلك يعني بقاء الأموال الضخمة، وتدويرها في الداخل؛ ما يعني المزيد من النماء الاقتصادي، وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع مستوى معيشة الفرد في الداخل.

مقالات أخرى للكاتب