Sunday 26/01/2014 Issue 15095 الأحد 25 ربيع الأول 1435 العدد
26-01-2014

فريضة (مُختطفة)..؟!

ما أكثر الخَاطفين؛

وما أكثر وأخطر ما خُطف ويُختطف منا في حياتنا اليوم.

- في بلدان عربية وإسلامية في قارات العالم كله،

توجد جيوش مجيّشة للباطل، تعمل زوراً باسم الدين؛ وكأنها مرسلة من رب العالمين، فشغلها الشاغل ليل نهار؛ هو خطف حياة الناس، وخطف أرزاقهم وراحتهم وبسمتهم وفرحهم، وحتى فرائضهم الدينية التي أقرها الشارع الحكيم في محكم التنزيل.

- فريضة الجهاد التي جاءت لدفع العدوان، وارتبط قيامها بدعوة ولي الأمر تحديداً؛ لا غيره من آحاد الناس أو جماعاتهم وأحزابهم، تعرضت هذه الفريضة لخطف الخاطفين في عصرنا الحديث، انطلاقاً من أهواء شخصية، ورغبات ذاتية، وانتماءات مذهبية وحزبية وسياسية، كلها تعمل بغباء وجهل، وتدار من خلال منظمات ترفع شعارات دينية، وهي مخترقة من مخابرات معادية، أو تتعاون معها بإرادة منها، من أجل تفتيت الكيانات العربية والإسلامية، وشرذمة مجتمعاتها، وإضعاف وجودها، حتى تصبح خانعة ذليلة لإرادة هذه المنظمات المتأسلمة، مستسلمة لمن خلفها من قوى دولية شريرة.

- ما جرى سابقاً من حشد وتجنيد باسم الجهاد المفترى عليه في أفغانستان والشيشان، يتكرر اليوم ويجري في العراق وسوريا واليمن والصومال وغيرها. وخاطفو فريضة الجهاد عياناً بياناً على القنوات الفضائية والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي؛ هم الذين يخطفون بكل وقاحة حياة شبابنا الأغرار، الذين يرمون بهم في أحضان داعش والنصرة في الأرض السورية، ويخطفون البسمة من أفواه الأمهات والآباء والأسر، ويخطفون أرزاق الناس وأقواتهم باسم التبرع للجهاد، ويخطفون راحتنا في الشعور بالأمن على مستقبلنا ومستقبل أجيالنا؛ وسط هذه الأجواء المشحونة بالأحقاد، والضغائن، والخوف، والدمار، والقتل المتبادل.

- بالأمس.. عاد أحد المشايخ هنا عمّا كان عليه؛ فأعلن انشقاقه عن داعش.. هكذا!! وقال بأن ما تفعله داعش ليس جهاداً، وأن على شبابنا الذين انضموا إليها كمجاهدين الانشقاق عنها، فقامت عليه قائمة الخاطفين الآخرين من المشايخ الداعشيين، واعتبروه كافراً مرتداً..! يا للهول..! وهم الذين ينفون في (العلن)؛ دعوتهم الشباب للجهاد مع داعش والنصرة..! يا سبحان الله..! ما هذا الذي تفعلون..؟! ألا تستحون..؟!

- كثير هم أولئك المتورطون في جرم الدعوة والتحريض والتغرير بالشباب باسم الجهاد المختطف، ومن ثم تسهيل سفرهم إلى سورية وخلافها، وهم على صنفين. الصنف الأول بمثابة تروس تدور في مكنة الحزبية الحركية المنتمية في الأصل لمنظمة الإخوان الدولية.

والمناصرون للقاعدة بطبيعة الحال، فالقاعدة خرجت من رحم جماعة الإخوان ابتداءً، وهؤلاء ليسوا قلة؛ وإن كانوا أقل من الجمهرة التابعة لهم، فهؤلاء هم المحركون والمبرمجون والمؤدلجون للصنف الثاني الواسع الانتشار الذين يعملون بدوافع دينية بحتة أحياناً، ووفق ما يصل إليهم من مفاهيم، حتى ولو كانت مغلوطة، فهم مثل (ثيران في ساقية)، يدورون في حلقة حركية معصوبي الأعين، ويخدمون المنظمة الأم بإخلاص دون وعي بما يراد منهم، ونجدهم أكثر الناس تأثراً بما ينشر ويردد أو يقال عن الشيخ فلان وعلان من أقطاب الحركية الحزبية، دون تمحيص أو تفكير في مآلات الأمور.

- أرفع عقالي احتراماً وتبجيلاً؛ لمن أراه يبرز من هؤلاء المشايخ ويقول: إنه لا يدعو الشباب للجهاد في أي مكان، حتى ولو جاء هذا القول فقط؛ كردة فعل لبرنامج الثامنة مع داود الشريان في قناة MBC..! ثم أطالبهم أن يكونوا صادقين وشجعاناً، فيعلنوا استنكارهم لما يجري من تحريض وتغرير من غيرهم- على حد زعمهم- ويقولوها صريحة للشباب السعودي: هذا ليس جهاداً، بل انتحار وقتل وإرهاب؛ في معركة لا مصلحة لنا فيها. قولوا هذا الآن يا (مشايخ الصحوة)، قبل أن تندموا بعد فوات الأوان.

- أتحدى هؤلاء جميعاً؛ أن يظهروا على الملأ في قناة فضائية ليقولوا إنهم ليسوا مع الدعوة للجهاد المختطف في سورية، لا مع داعش وشياطينها، ولا مع النصرة وقتلتها، وأن من يحرض الشباب الصغار ويغرر بهم لكي يذهبوا ليَقتلوا ويُقتلوا هناك، مجرم يجب أن يلقى جزاءه الرادع بشكل رسمي.

- لماذا هذا السكوت على الباطل..؟ فإذا تحرك المجتمع ورفع أصابع الاتهام لمن كانوا وما زالوا السبب في قتل أبنائه، جاءت التبريرات، وظهرت التهديدات، وتغيرت السحنات..؟!

- من تسبب في تشويه صورة فريضة الجهاد، ووصمها بالإرهاب؛ غير هؤلاء المدعين المستغلين، الذين ينطلقون من أفكار متطرفة، وينتمون إلى أوكار متحزبة، ويخدمون أجندات مسيّسة، ولو دعاهم داعي الجهاد الحق لقالوا كما قال قوم موسى لموسى عليه السلام: (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون).

H.salmi@al-jazirah.com.sa

alsalmih@ymail.com

مقالات أخرى للكاتب