Monday 27/01/2014 Issue 15096 الأثنين 26 ربيع الأول 1435 العدد
27-01-2014

(الطير الأزرق) قائد ثورة 25 يناير

السعي المشروع للشعوب لتحسين مستواها المعيشي، ونَيل حقوقها السياسية والإنسانية، والتمتع بالعيش الكريم، واحترام آدميتهم وحقهم في العيش بكرامة، بما يحفظ لهم آدميتهم التي كفلتها كل الرسل السماوية والقوانين الوضعية، دائماً تحتاج لمن يحركها، ويبعث بها الحرارة التي تدفع الشعوب للتحرك. هذا ما حصل للشعب العربي في مصر. تغريد النشطاء السياسيين وفق الآلية الإلكترونية الجديدة أشعل نشاطاً لبركان كان خامداً مفجراً تغريدات. والتغريدة هنا التي جاءت عبر وسائل الاتصال الاجتماعي هي السلاح الذي اكتشفه المصريون، وطوَّره لفرض إرادتهم في صنع مستقبل مبني على تقديس الكرامة.. الكرامة الإنسانية التي كفلها الله لجميع البشر، إلا أن الحاكم المستبد يسلبها، مغيباً حقاً شرعياً ومشروعاً.

المصريون الذين شاركوا في 25 يناير لم يكونوا كشعوب أخرى تعاني الجوع والفاقة، ولم يكونوا تحت الاحتلال، وأيضاً كانوا يتمتعون بمساحة لا بأس بها في الديمقراطية، بل حتى الممارسة السياسية، إلا أنهم كانوا يفتقرون إلى أهم شيء في الحياة (الكرامة الإنسانية).

المصري يأكل، ويشرب، ويمارس حياته، مداوياً الإحباط بالنكات والتفكُّه على مَن يحكمه، وحتى على نفسه، إلا أنه يشعر في قرارة نفسه بأنه يفتقد شيئاً أساسياً.. وفي غمرة الانهماك في توفير لقمة العيش لأسرته وأهله وتحقيق العيش الكريم لم ينتبه المواطن البسيط للأهم الذي يفقده (الكرامة الإنسانية). وهنا تُطرح مسألة معنى الكرامة الإنسانية، هل هي في تحقيق متطلبات الإنسان في العيش الكريم، والتمتع بحرية الرأي والانتماء السياسي..؟

كل هذا مطلوب ومُلحّ، لكن قبل كل ذلك يجب أن يشعر المواطن بأنه مصان، ومحترَم، وكرامته الشخصية مصانة، وأمن أسرته ومستقبل أبنائه مؤمَّنان.

هل كان المواطن المصري يشعر بذلك قبل ثورة 25 يناير؟ لم يكن يهتم بذلك؛ كان مهموماً ومشغولاً، ويسعى لتحقيق ما كان يفتقده. وإذا كان الغذاء وتحسين الوضع الاجتماعي، وحتى توفير العلاج، في ظل تدني الخدمات الحكومية، يستطيع هذا المواطن أن يوفرها بمزيد من العمل، وأن يكد ويزيد من ساعات العمل لتحقيق ذلك؛ ما يشغله عن التفكير فيما يفتقده، لكن كيف يحصّن كرامته الشخصية في ظل نظام استبدادي، أشاع أسلوباً قمعياً بوليسياً، يستهين بكرامة الإنسان، ويُعِدُّ البشر أرخص السلع.

لم يكن أحد ينتبه إلى ذلك إلا القلة التي فتح الله قلبوها وعقولها، بعضهم يسميهم بالمثقفين، وآخرون بالناشطين، والقلة من الشعب تطلق عليهم بـ(النخبة السياسية). من هؤلاء ظهرت طبيعة الناشطين السياسيين الذين بثوا همومهم للطير الأزرق (تويتر) وشقيقه الذي سبقه (الفيس بوك)؛ فأشعلت التغريدات والنصوص النفوس التي كانت مشغولة، وتوقدت نيران الثورة في قلوب من كانوا مشغولين بالهمّ المعيشي؛ فتدفقت الملايين للشوارع، وسقط الحكم البوليسي، وانهار القمع أمام إرادة الشعوب.

هكذا وُلدت ثورة 25 يناير من رحم الطير الأزرق (التويتر).. ومع هذا يدَّعي أكثر من مُدَّعٍ أنه مُشعِل الثورة التي فقدت زعيماً قادراً على تصويبها؛ فزاغت عن الطريق؛ ليظهر هذا الزعيم في ثورة 30 يونيو.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب