Thursday 30/01/2014 Issue 15099 الخميس 29 ربيع الأول 1435 العدد
30-01-2014

تونس تتلمس طريق العودة

مع إقرار المجلس التأسيسي التونسي مسودة الدستور التونسي الجديد، ثم المصادقة على الحكومة الجديدة التي شكلها السيد مهدي جمعة، لا يمكن القول إن التونسيين قد تجاوزوا المحطات التي أثارها السياسيون سواء عبر الأحزاب والجمعيات السياسية أو جماعة الضغط المهني أو الديني، فالبلاد مهيأة للنكوص إلى الحالة السابقة إن لم يتعاون الجميع مع رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة الذي حصل على تأييد المجلس التأسيسي بصعوبة إلى حد ما، إذ لم يحصل سوى على 149 صوتاً لتأييد حكومته من أصل 216 هم أعضاء المجلس التأسيسي، مما يعني حصوله على ثلاثة أرباع أصوات المجلس، وهي نسبة وإن كفلت الثقة لرئيس الحكومة وحكومته الجديدة، إلا أنها في المقاييس العادية تعد نسبة متدنية. ولكن مع هذا استقبل التونسيون حصول الحكومة على ثقة المجلس التأسيسي بترحاب وسعادة، وتقول مراسلة الجزيرة في تونس «إن التونسيين أصبح بمقدورهم أخيراً أن يناموا مطمئنين بعد مرور حكومة مهدي جمعة من أمام المجلس التأسيسي».

قول المراسلة هذا يطابق الصحة تماماً، فالتونسيون ضجروا من المماحكات التي استمر السياسيون اللجوء إليها لتعطيل عمل الحكومة وتأخير كثير من المبادرات التي ينتظرها الشعب التونسي، كمعالجة الشلل الأمني، والتراجع الاقتصادي، وتباطؤ العمل الحكومي، والتنافر الاجتماعي بعد احتدام التنافس السياسي، ولهذا فإن التونسيين استقبلوا وزارة مهدي جمعة بأمل أن يستطيع بتشكيلته التي ضمت كفاءات مهنية احترافية ليس لها انتماءات سياسية، وأنهم كونهم غير منتمين سياسياً وليس لهم ارتباطات بالأحزاب والجماعات التي عملت طوال السنتين اللتين أعقبتا الثورة، على تنفيذ برامجها الحزبية، ولهذا فإن مهدي جمعة ستكون أولى مهام حكومته هو بسط الأمن وإشاعة الطمأنينة عبر مكافحة الإرهاب والتصدي للجماعات المسلحة التي كانت تحظى بتغطية على تجاوزاتها لتقارب أيدلوجي بينها وبين من كان يدير الحكم.

كما أن أمام مهدي جمعة مهام غير سهلة تتمثل في تفعيل الاقتصاد ومعالجة الثغرات التي تكاثرت، ومنها تفشي ظاهرة التهريب. وينتظر أن يسعى مهدي إلى القضاء على هذه الظاهرة التي دمرت الاقتصاد التونسي عبر فرض سلطة القانون بالقوة نفسها التي يسعى فيها إلى قطع دابر الدعوة إلى العنف والفوضى والكراهية.

كما يطالب التونسيون من رئيس الحكومة الجديد أن يضع حداً للمحسوبية الحزبية التي تمثلت في إملاء العديد من الدوائر والمكاتب الحكومية بالمحازيب من خلال تعيين الحزبيين في الدوائر والدرجات الحكومية العليا بأشخاص لا يحملون تأهيلاً إطارياً يساعدهم على إدارة الإدارات الحكومية، وهذا ما أضعف عمل تلك الإدارات وأصاب العمل الحكومي بالشلل.

كل هذه المهام والصعاب التي تواجه حكومة مهدي جمعة يرى فيها التونسيون مهاماً مقدوراً على تجاوزها خصوصاً أن حكومته تضم أشخاصاً تزخر بالكفاءات، والأهم من ذلك عدم تحزب أعضائها ونزاهتهم.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب