Thursday 30/01/2014 Issue 15099 الخميس 29 ربيع الأول 1435 العدد
30-01-2014

دنياه..!!

ثمة فكرة تتمشَّى في ذهنه، حين جلس إليه ثلة من أفراد أسرته، تتفاوت أعمارهم،وخبراتهم، وشخصياتهم..

كان يتأمل طويلاص فيهم.. تنتقل نظراته بين وجه وآخر منهم..،

يصغي بنهم إليهم..، كأنه يكاد أن يشرب أصواتهم..، ويأكل ملامحهم..!

لا أدري لماذا جعلتَه تلك اللحظات محور اهتمامي،..؟

ولأنني لم أعتد مراقبة الآخرين، فقد قطعت على عادتي ديدنَها.. واقتفيتُ ملامحه أراقبُ كلَّ حركاته..

دنيا عريضة مرت بتفاصيله..، ومفاصل عمره المديد..

تجارب كثيفة تلك التي تتسرَّب في كل سُلامة، وعظم، ولحم، وجلد فوق هيكله النوراني..، وداخل حسه الرهيف..!

أصواتٌ تداخلت في تلافيف ذاكرته..، امتزجت بحسِّه..

يا لها من أسفار تلك التي كان يلتهم أوراقها حرفاً حرفاً، حتى والناس من حوله نيام..

ثمة ابتسامة فرَّت تلك اللحظات من شفتيه..، وعادتا للانزمام قليلاً..

فجأة قال : «كل هذه الوجوه تمثّلني، كل واحد منها جزء مني، لكنهم لا يشبهونني» ..!

وطفرت دمعة من عينيه تلكما الغائرتين بخلاصة الحياة التي عاشها..

كنت أسائل عينيه: ما الذي مرَّ بهما..؟..كم ..، وكيف..، وماذا..، وأين تكمن هذه الذخيرة..؟!

جبهته المتغضنة وضَّاحة..

يداه لا تزالان تحملان كفاً يتقلّد خاتمَه الفضي ذا العقيقة مذ عشرات السنين..،

لم يتغيّر، وزنه.. ولا هيئته..

كل أولئك من حوله..،

وهو يتفرس وجوهَهم،.. يتابع حركاتهم..،

ثم يميل رأسه إلى الخلف، يسنده على مقعده المخملي..، ويغمض عينيه..

كان يبتسم..

وخليط من سنوات..، وذكريات..، وأشياء تدور في خلده..!!

وكنت أتمنى مع أنَّ أمنياتي قليلة.. لو أستطيع أن أتسلّل إلى جوفه..، أسمع..، وأجول .، وأرى ما في مخيلته..، وذاكرته من دنيا مر بتفاصيلها..

ثم لخصها فيهم..!!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب