Friday 31/01/2014 Issue 15100 الجمعة 30 ربيع الأول 1435 العدد
31-01-2014

مأمور الهاتف

قد يتساءل البعض عن أهمية الكتابة عند مأمور الهاتف، أو ما يسميه البعض السنترال أو البدال، لكن واقع الحال يؤكد أن هذا العمل الكريم الذي يقوم به البعض، يعتبر عملاً هاماً ومؤثراً، وممثلاً لمستوى الجهة التي ينتمي إليها ذلك الموظف الكريم.

العمل في مثل ذلك يعني التزاماً دائماً وعدم الغفلة، وحتى الخروج لأداء الصلاة أو قضاء الحاجة، يكون ذا أثر على العمل المناط به ذلك الموظف الكريم بناءً على مسارعته في العودة إلى عمله أو التوسع في البعد عن تلك الأجهزة التي اعتاد على مقابلتها حتى ضاقت به وضاق بها.

أن تكون موظفاً ليس لك من المهام إلا تحويل الطالب للمطلوب، قد يراه البعض روتيناً مملاً لا يضيف تجربة تراكمية في الحياة، إلا أن الأمر قد يكون غير ذلك، فمأمور الهاتف قد يتلقى في اليوم الواحد عدداً غير قليل من الاتصالات المتباينة في الأسلوب والغاية طبقاً للخلفية الثقافية والنفسية والاجتماعية للمتصل، وعليه أن يتعامل مع كل ذلك.. فتتراكم لديه التجربة، بل ويمكنه أن يؤلف كتاباً عن الطرائف أو الحماقات والمجاملات التي قد يتلقاها خلال فترة عمله، لا سيما إذا قضى فترة غير يسيرة في عمله المنوط به.

ومأمور الهاتف ربما يكون في إحدى المصالح الحكومية أو الشركات أو المنازل، فمأمور الهاتف في المصالح الحكومية ربما يعطل الكثير من مصالح الناس، إن كان غير ملتزم بعمله، وربما يضيع المراجع عدد غير قليل من الساعات يرقب رد ذلك المأمور الكريم دون جدوى، وقد يعتري المراجع في تلك الأثناء شيء من الغضب، مما يؤثر على صحته وقد يفقد جزءاً من مصالحه بسبب ابتعاد مأمور الهاتف عن جهازه. وقد يضطر المراجع للذهاب إلى عين المكان ليقضي حاجته مباشرة في وقت يمكنه أنه يقضيه في بضع دقائق من خلال الهاتف، لا سيما إذا كان الأمر لا يعدو كونه استفساراً عن أوراق مطلوبة حتى يحضر فيما بعد وأوراقه معه بدلاً من أن يزور المصلحة الحكومية للاستفسار عن المطلوب، ثم يعود مرة أخرى بما هو مطلوب، ولا شك أن أسلوبه وطريقة حديثه يمثل إدارة المصلحة التي ينتمي إليها.

ومأمور الهاتف لدى الشركات ليس لديه الأهمية التي يبلغها مأمور الهاتف في المصالح الحكومية، رغم أهمية عمله، فرجال الأعمال في الغالب لديهم وسائلهم وطرقهم في الاتصال ببعضهم البعض، كما أن لديهم بواباتهم ذات النمط التقني، وغير التقني للوصول إلى زبائنهم، لكن مأمور الهاتف في تلك الشركات يمكنه أن يكون عوناً في تسويق المنتج، وتمثيل مستوى الشركة إن أحسن استقبال المكالمة وترغيب المتصل بالشركة.

أما مأمور الهاتف في المنزل، فيعتبر هاماً جداً، فهو مرآة المنزل الذي قد يحسن إلى صاحبه أو يسبب المشاكل بين الأقرباء أو الأصدقاء عندما لا يبلغ صاحب المنزل برسالة معينة، أو لا يرد على المحادثة، وهنا تثور ثائرة البعض، لأنه قد يظن أن رسالته قد وصلت إلى صاحب المنزل، فيحمل في قلبه شيئاً لا يمت للواقع بشيء، وقد تتنافر النفوس من جراء إهمال مأمور السنترال. إضافة إلى ذلك أن بعضاً من مأموري الهاتف ليس لديهم من اللباقة وحسن الحديث الشيء الكافي مما يجعل البعض يغضب من أسلوبه، دون أن يضع ذلك المتصل في ذهنه، أن مأمور الهاتف يتحدث من منطلق ثقافته وبيئته، ولا يمثل المنزل بحال، كما أن مأمور الهاتف قد يوقع بعض المشاكل الإدارية والعائلية بسبب إهمال أو نسيان، وهناك الكثير من الطرائف والقصص التي عايشتها وسمعتها والتي كان سببها مأمور الهاتف أو رئيس الدائرة أو صاحب المنزل.

إن مأمور الهاتف موظف كريم يقوم بمهمة جليلة، لكن حظه أنه دائماً أمام الجميع، والكل يحمله المسؤولية، ويطلب منه الكثير، وقد لا يعذره عن هفوة من لاهفوات أو عدم قدرته على تحقيق المراد، لا سيما إذا كان صاحب المصلحة أو المنزل ممن يؤمن بكن فيكون، وإلا كان رفع الصوت والغضب، أعان الله هذه الفئة الكريمة ووفقنا الله وإياهم.

مقالات أخرى للكاتب