Friday 31/01/2014 Issue 15100 الجمعة 30 ربيع الأول 1435 العدد
31-01-2014

الحب والشعر

بعيدا عن كل ما يختنق به العالم اليوم من صراعات وخلافات وموت وتشريد، أردت أن آخذك عزيز القارئ إلى عالم متعالٍ عما يحيط بنا، وإلى امرأة كما تقول عنها خالدة سعيد ؛ طلبت من الحبّ ما طلبت من الشعر، طلبت أن يكون ثأرها من العالم وحصانها السحري للنجاة.

لم أكن أظن أن للشعر عصا سحرية تبدل نكهة الأشياء، وتذهب بمرارتها، لم أكن أعتقد يوما أن حروفه تتحول لغيمات تحملنا لسماوات نقية وإيقاعه موسيقى تبدد رتابة الأشياء، الشعر الذي واجهت به قسوة الحياة مع شاعر شاركته رغيف الحياة وما تيسر بالقليل من الفرح.

الاعمال الشعرية الكاملة لسنية صالح هي من جعلتني بشكل أو بآخر أنبش ذاكرة الشعر وتاريخ امرأة مجبولة بالحب والحلم، علقت أوراقها على أغصان الريح وسافرت بها مع الفصول الهاربة، ثم لما أرادت ان تعود لم يحملها زورق الرجوع، فتبللت أوراقها بالبحر، ونامت جراحها على ضوء الشموع.

في عالم سنية الحقيقي والمتخيل بقيت سلافة وشام بطلتان بلا منازع، حيث كانت الشاعرة هي القنديل الذي ينير طريقيهما والدليل الذي يرشدهما للخلاص ولطالما دعتهما بحروف من الشعر لتحدي الواقع والصراخ بوجه القهر، ورفض الانحناء ( وكأن الشعر مع ابنتيها هي الحصيلة التي تقف بها أمام الله).

ولما سئلت ذات مرة عن القصيدة إن كانت تعيش تجربتها ام هي من وحي الحياة قالت: الشعر عملية عبور النار، اشتعال الجسد والعقل والمخيلة بحمى الكشف، والبرق الذي يفاجئ الشاعر في أثناء ذلك لا يعنيه حدود ما يجري وأهدافه».

لعل ما يحدث في سوريا الآن وما يعانيه الشعب السوري من قهر وظلم من طاغية البلاد، أراه يتجلى فيما كتبت هذه الشاعرة من مشاعر، فكثر في شعرها الانكسارات ولم تخل قصصها النثرية أيضاً من هذا.

(عاشت مغلفة بيقينها الشعري، متعلقة بالأمل الذي يجيء من لدن الشعر، بل لائذة بعصمة الحقائق الشعرية وبها، هذا العالم الذي أعطاها مفتاحه وأجزل الوعود، فقد كان الشعر عزاءها ووعدها ومفتاح السر».

كانت هي سنية صالح زوجة الشاعر محمد الماغوط من أردت أن أحلق في هذا المقال بعالمها، وفي كل مرة كنت أحاول أنجو من ملامح القتلى والأطفال المشردين الذين يعيشون اليوم نكبة سوريا، كنت أغرق في أيقونة قصائدها فتعيدني حروفها التي تتأوه من الألم إليها، تلك التي صارعت الموت بقوة الشعر.

من آخر البحر

ترتعشين كالعصافير

إذ تضرب خواصرها أجنحة الريح

والمطر

فوق أحزان المساء

أراك مطفأة

mysoonabubaker@yahoo.com

Mayabubaker@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب