Saturday 01/02/2014 Issue 15101 السبت 01 ربيع الثاني 1435 العدد
01-02-2014

محمد عبده.. ما يخصنا ويخصه!

هجوم عنيف طال فنان العرب محمد عبده، بسبب تقبيله ليد الفنانة أصالة في برنامج صولا.. لن ألوم هنا كل من عنّف فنان العرب على هذه الفعلة النكراء في ثقافتنا العربية، وكونه تصرّف مقبول أو غير مقبول، فالقبلة على يد المرأة لها تاريخ عريق يحمل معنى الاحترام والتقدير، حيث يقال إنها بدأت الانتشار في القرن السابع عشر كتقليد في قصور ملوك إسبانيا، وفي الوقت الحديث لم تعد منشرة إلا لدى فئات نخبوية معينة في أوروبا، عدا الشعب البولندي الذي ما زال محافظاً على هذه التقاليد، وأذكر في مقال قديم منشور في صحيفة نيويورك تايمز لكاتب أمريكي اسمه مايكل كوفمان، تحدث فيه عن زيارته إلى بولندا، وعدم تقبله لفكرة تقبيل يد المرأة، وقارن هذا في المجتمع الأمريكي الذي يكون فيه السلام بين الجنسين إما بالمصافحة أو بالسلام على الخد، ويصف نفسه وهو يفرش شفتيه على يد المرأة وكأنه عاجز يائس.. هنا أتحدث عن فكرة ثقافية تختلف من بلد لآخر، ومن فكر لآخر. أيضاً في المجتمعات الغربية هناك نظرة مليئة بالعيب والانتقاد لو قام رجل بالسلام على رجل آخر بتقبيل الخد، إذ يُعتبر هذا في بعض الأعراف الأوروبية والأمريكية فعلاً خاصاً بالشواذ، مع أنه في ثقافتنا العربية أمر دارج ويعتبر من باب المحبة والتقدير.

الثقافات تختلف من مكان لآخر، وكذلك من زمن لآخر، لذا فإن ما قام به فنان العرب يُعتبر أمرًا مستهجنًا ليس على المستوى الديني فحسب، بل والاجتماعي أيضًا، وأعتقد أن هذا البروتوكول قد طغى تأثيره على فنان العرب بعد زواجه مؤخرًا من سيدة فرنسية، وهذا التقليع ما زال قائمًا وحاضرًا لدى النخب في فرنسا، وفيه إشارة إلى تأثر الرجل بثقافة زوجته، وهذا أمر نلاحظه على مستوى حياتنا اليومية، فقد نجد أربعة أو خمسة أشقاء تختلف ثقافتهم وأفكارهم مع أنهم عاشوا في بيت واحد، واستقوا من منبع واحد في التربية والنشأة، إلا أن اختلاف ثقافات زوجاتهم تتضح بشكل مباشر على مناحيهم الفكرية، فنجد أن تأثير الزوجة هو الأكثر تأثيرًا.

أنا هنا لست مع ما قام به فنان العرب ولست ضده إذ ليس هذا موضوع المقال، ومتأكدة أنه قام به بحسن نيّة، لكنني أستغرب ممن كتب منتقدًا هذا التصرّف قائلاً.. أنه سيحرق تاريخه الفني وسيدنس اسمه عند جمهوره، مع أنني شخصيًا لا أرى أن محمد عبده قد أحرق تاريخه إلا بأغنيته الأخيرة (وحدة بوحدة)، وليت الانتقاد تم توجيهه لهذا العمل إذ إن هذه الأغنية هي ما يخصنا ويفتح لنا الأبواب لنقده وتأنيبه عليها، فكونها أغنية لا ترتقي لفنان العرب لا من ناحية الكلمات ولا الألحان ولا الأداء، لكن تصويرها المبتذل هو أكبر سقطة لفنان العرب، حتى شكله وهو يظهر في الفيديو كليب كان محزنًا ومؤسفًا بالنسبة لي كما رأيته، فليس هذا شكل محمد عبده الذي يقف بكل إجلال وتقدير على خشبة المسرح أمام جماهيره لوقت قد يصل إلى ثماني ساعات، وليس هذا فنان العرب الذي تغنى بكلمات كبار الشعراء بأغنيات يعيد سماعها الجيل بعد الآخر.. هذه الأغنية هي من تستحق النقد يا نقّاد الصحافة والإنترنت!.

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب