Saturday 01/02/2014 Issue 15101 السبت 01 ربيع الثاني 1435 العدد
01-02-2014

اختراق دهاليز الجامعات

صحيح أن عالمنا مليء بالأخبار المزعجة والحوادث المفزعة لكنه أيضاً مليء بما يسر ويبهج. وربما تكون الأخبار السيئة هي التي تجلب انتباه وسائل الإعلام لأن الناس يبحثون عن هذا النوع من الأخبار. هذه، فيما يبدو، هي الطبيعة البشرية ولذلك تجد مَنْ يدفع المال لكي يشاهد فيلماً من أفلام الرعب الخيالية وكأن ما تحفل به الحياة من أحداث مرعبة لا يكفي! لكنني توقفت في قراءاتي الصحفية أمام خبر مفرح يستحق أن نقف عنده، ولو كمحطة استراحة، في شارع الحياة المكتظ بما يرعب. جاء في الخبر المنشور في صحيفة «سبق» الإليكترونية أن طالباً سعودياً يُحَضِّر الدكتوراه في بريطانيا قد فاز في أفضل بحث علمي في أحد المؤتمرات العلمية في بريطانيا. وقد كان موضوع بحث هذا الطالب، واسمه تركي بن مشهور العنزي، عن داء السكر الذي يجتاح المملكة ومنطقة الخليج بشكل يفوق معدلاته في العالم.

فرحت لهذا الخبر لأنه يثبت أن الصورة الذهنية التي بدأتْ تنتشر عن السعوديين وحبهم للدعة والكسل والاستهلاك ليست دقيقة حتى وإن كانت موجودة بنسب متفاوته بين الناس، وفرحت لأن موضوع البحث هو مما نحتاج إليه في بلادنا وفي منطقتنا الخليجية أشد الحاجة. فكرة البحث، كما جاء في الخبر، تقوم على تسلسل منطقي وعملي. فهي تبدأ بربط الأدوات المستخدمة في قياس السكر عن طريق الهواتف الذكية وإرسالها مباشرة إلى قاعدة بيانات في المستشفى ليراها الطاقم الطبي ثم تتوالى بعد ذلك الخطوات للتعامل مع الحالة. هناك جهود بحثية جيدة يقوم بها الطلاب السعوديون المبتعثون الذين يدرسون في الجامعات الأمريكية والأوروبية وغيرها من الجامعات العالمية العريقة، وهي تُضاف إلى الجهود البحثية التي تجرى في الجامعات السعودية ومراكز البحوث في الداخل. لكن معظم هذه البحوث، للأسف، لا يُستفاد منها على نطاق واسع. بعضها نظري بحت ليس له تطبيقات عملية مباشرة وإن كان يثري فهم الحقول ذات العلاقة، والبعض الآخر يوضع على الرفوف بمجرد الانتهاء منه وتكون فائدته الأساسية وربما الوحيدة هي في حصول الباحث على شهادة أو على ترقية علمية. أتمنى أن تسعى وسائل الإعلام إلى اختراق دهاليز وأروقة الجهات البحثية في جامعاتنا وفي مراكزنا العلمية، ففيها الكثير مما يمكن أن يكون مادة صحفية شيقة مقروءة، وكذلك التواصل مع الطلبة المبتعثين الذين يدرسون في جامعات العالم والحصول منهم على الجديد المفيد من الإبداعات العلمية. العالم ليس فقط حوادث مفجعة وحروب وكوارث، ولكنه مليء أيضاً بالمفرح من الأخبار التي تدخل السرور إلى القلوب المثقلة بالكآبة والحزن وتنتظر من يلتقطها ثم ينثرها وينشرها بين الناس؛ وهذا دور الإعلام.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب