Wednesday 05/02/2014 Issue 15105 الاربعاء 05 ربيع الثاني 1435 العدد
05-02-2014

قلق العصر: الجريمة

أكثر من 20 عاما هي عمر سكناي في الحي الذي أقطن فيه الآن. كنت ابنة وطالبة جامعية تسكن مع والدتها وإخوتها، قبل أن أصبح أما تسكن في الحي نفسه مع أبنائها. خلال سنوات وجودي في هذا الحي ابنة وطالبة جامعية، أم موظفة تربوية لم أسمع بكلمة «جريمة»

أو بالأصح لم أسمع عن جريمة وقعت في حينا. كانت الجريمة «في مخيلتي» ضرب من الروايات البوليسية، أو روايات «أجاثا كريستي» تلك التي لم تكن تشدني إليها، بالتالي لا أذكر أني قرأت شيئاً منها وأنا أشاهد أعدادها متراصة على رف من أرفف مكتبة أخي الأكبر «إبراهيم» المكتبة العامرة بالمستثنيات من كتب المعارف والعلوم كافة. مكتبة أخي إبراهيم الذي أعتبره مع مكتبته تلك عرّاف ثقافتي.

كانت الجريمة في ذلك الوقت, بالنسبة لي حبكة درامية سينمائية تظهر مدى قدرة رجل البوليس أو الشرطي على فك شيفرة المجرم وهو يعثر على الخيط الذي به يستدل على الجاني مقترف الجريمة.

الحبكة الدرامية السينمائية في أفلام الجريمة الأجنبية أو العربية ممثلة في وحوش الشاشة العربية فريد شوقي وتوفيق الدقن وغيرهما.

توالت السنون وبدأت كلمة الجريمة تتنقل في حينا بصور عدة منها مداهمة لمنزل مروج مخدرات أو وكر لصناعة الخمر.

ومع هذا لم أستوعب فعلا أن جريمة وقعت في حينا ولم أعش قلق الجريمة، بالتالي من الطبيعي أن يبقى المخرج الرئيسي لمنزلي مفتوحا حتى ما قبل نومنا.

كانت الجريمة أو انفشيّها بعيدة عن تصور عقلي لها وأنا أسمع بها ولم أشهد ما يؤكد تناميها حتى فاجأتني خادمتي يوما ما «قريباً» بأن رسيفر الملحق وجهاز السوني مفقودين من الملحق الخارجي!!.

بعد فكرة الجريمة عن تصور ذهني جعلني أتوقع أن ابني أخذ الجهازين لمنزل صديق له حتى اتضح أنه لم يفعل ذلك!! إذاً من أخذ الرسيفر والسوني!!؟ بدأت أعي أن في الأمر جريمة سرقة، وبأن السارق قطعا سيحوم حول مكان سرقته «حسب توقع ابنتي لا توقعي» بالتالي يكرر جريمته.

بالفعل هذا الذي حدث عندما تسلل سارق الجهازين مرة أخرى، ولكن هذه المرة بنية سرقة أنبوبتي الغاز، وكانت له خادمتي بالمرصاد، ليس شجاعة منها وإنما عندما انطفأ موقد الفرن عليها فجأة وهي تعد لها عشقها «الأندومي»!!

سارق ومسروقات يعني جريمة ويعني أيضاً غياب الأمان الذي كنّا ننعم به سابقا والسبب الجريمة أو تناميها.

حكايتي مع السارق الذي تجرأ على منزلي الذي لم يكن وافدا أو مخالفا لنظام العمل والإقامة في السعودية!! دفعتني لأن أحاول الوقوف عن قرب عن قلق العصر: الجريمة في السعودية..

في عام 2009 ذكرت الأخبار أن الجريمة ارتفعت بنسبة 14 % عن نفس الفترة في عام 2007!! قبل شهر من الآن ودعنا عام 2013 بمسافة 4 سنوات عن الخبر! بل إنه طبقاً لتقرير هيئة التحقيق والادعاء العام قبل عدة أشهر (وحسب الذي نُوقش في مجلس الشورى)، فإن إجمالي الجرائم في المملكة بلغت 110995 في عام واحد! ولو استبعدنا الأطفال والمراهقين، فإن الرقم يقول إن هناك جريمة واحدة (مرصودة) لكل مائتي ساكن في المملكة، في العام الواحد!!

تتمة لأخبار عام 2009 فقد سجلت 143 محاولة انتحار بزيادة نسبتها 8.3 % من عام 2007.

أما ذاكرتي فلا تحتفظ سوى بقضية محاولة انتحار واحدة لفتاة أعرفها عن قرب، وقعت تلك المحاولة عندما كنت في المرحلة المتوسطة أو الثانوي لكن لم أستطع تخيّل الفعل «ربما لأنها لم تكن ظاهرة تلفت الانتباه، كما نسمع ونقرأ عنها مؤخراً».

الجريمة كلمة مرعبة سواء في حق النفس أو في حق الآخر وحتى في حق الحيوانات، بالتالي يرعبنا أن تصبح ظاهرة ونحن نسمع أن أحياء في بعض مدن المملكة الجريمة فيها «بشتى أنواعها» منتشرة لدرجة الصعوبة في كبح جماح قاطني تلك الأحياء من قبل رجال الأمن.

فهل تناميها في أحياء محددة ناتج عن تكدس العمالة سواء بإقامات نظامية أو المخالفة لنظام العمل والإقامة في السعودية!!!

حسب ما قرأت أن مسؤول أمني في شرطة مكة المكرمة أعلن أن معدل الجرائم انخفض 11 % منذ بداية الحملة الأمنية لضبط المخالفين لنظامي العمل والإقامة في السعودية.

كذلك ذكر المتحدث الرسمي باسم شرطة منطقة الرياض العقيد ناصر القحطاني: إن الحملات الأمنية التي تباشرها شرطة الرياض، ساهمت في الحد من ارتفاع نسبة الجريمة، مما ساعد على خفض معدلات نسبة الجرائم في العاصمة، وكذلك بقية مناطق المملكة.

لكن ماذا عن جرائم الخادمات وقد كشفت دراسة حديثة أن 10 % من الجرائم المسجلة في السعودية ارتكبت بواسطة الخادمات، وأوضحت الدراسة التي أجراها الباحث مازن محمد الغامدي من جامعة الملك عبدالعزيز أنه لوحظ في السنوات الأخيرة تزايد الجرائم التي اقترفتها بعض خادمات المنازل ضد أطفال مكفوليهم..

الجريمة والجرائم المقترفة قضية شائكة وقضايا معقدة سواء في تنوع أوجه الجريمة أو في تعدد أسبابها ودوافعها بالتالي لا ينقص البلد دراسات عن تنامي الجريمة أو عن الذي يرتكبها، فما تحتاج إليه الدولة علاج ناجع ووقوف جاد على الذين خلف جريمة خطيرة جداً تدفع لجرائم أخرى.

أعني بها اتساع مساحة جريمة انتشار المخدرات والمسكرات بصورة جعلت من السهل علينا الحصول عليها، والوصول لمروجيها «ربما صغار المروجين» ونحن نعي أن المسكرات والمخدرات طريق ميسر للسرقة وللقتل وللزنا ودليلي على ذلك ودليلكم هذه القصة المروية عن النسائي عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث عن أبيه قال: سمعت عثمان رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُ: اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإنّهَا أُمّ الْخَبَائِث! إنّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمّنْ خَلاَ قَبْلَكُمْ تَعْبّدَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَه: إنّا نَدْعُوكَ لِلشّهَادَةِ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلّمَا دَخَلَ بَابا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتّى أَفْضَى إلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلاَمٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فَقَالَتْ: إنّي وَاللّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيّ أَوْ تَشْرَبِ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةَ كَأْسا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلاَمَ.

قَالَ: فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسا فَسَقَتْهُ كَأْسا.

قَالَ: زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ حَتّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَل النّفْسَ.

فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ، فَإنّهَا وَاللّهِ لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإدْمَانُ الْخَمْرِ إلاّ لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443

Twitter: @HudALMoajil

مقالات أخرى للكاتب