Saturday 08/02/2014 Issue 15108 السبت 08 ربيع الثاني 1435 العدد
08-02-2014

مختبرات التربية والتعليم

لا أحد يستطيع أن يفهم لماذا أقرت وزارة التربية والتعليم نظام التقويم المستمر قبل عشر سنوات على المدارس الابتدائية بشكل تدريجي، وكانت تخطط أن تطبق ذلك حتى على المدارس المتوسطة؟ ولا أحد يستطيع أيضاً أن يفهم لماذا ألغت الفكرة وعادت من جديد إلى نظام الاختبارات التحريرية للمرحلة الابتدائية! كل ما علينا هو أن نرسل فئراننا - عفوا أولادنا- إلى مختبرات الوزارة (أعني فصول مدارسهم) وننتظر ماذا يصدر منهم، نقيق، نعيق، نهيز، أو ما شابه ذلك من أصوات غريبة!.

والسؤال لمن أقر نظام التقويم المستمر عندنا، وهو نظام متطور تطبقه دول متقدمة، تعتبر حجر التعليم الأساس هو المعلم، وتؤهله كي يحمل المسؤولية تجاه وطنه، وتجاه الأطفال الذين يقوم بتعليمهم، هو هل تم قياس الظروف والتنشئة والتهيئة للمعلم هنا بالمعلم هناك؟ هل هؤلاء المعلمون الذين يذهبون إلى مدارسهم بغير نفس، ويجلسون أمام التلاميذ منشغلين بمصالحهم الخاصة، هم ذات المعلمين الذين يؤدون رسالتهم بشغف وحب، ويبتكرون مختلف الوسائل المحببة في التعليم؟ أعتقد أنه لا يمكن، مثلا، أن نقرر فجأة تطبيق التعليم بالترفيه كما في بعض بلدان أوروبا، لأننا ببساطة لا نؤمن بالترفيه على المستوى الاجتماعي والرسمي.

ومن الصعب أن نطبق تعليما يعتمد تنمية روح الجماعة والعمل الجماعي والنظام والمسؤولية كما في دول شرق آسيا، وبالذات اليابان، لأن كل ما حولنا داخل المجتمع يشير إلى الأنانية وعدم الإيثار بدءاً من المنزل الذي أبعد ما يكون عن المسؤولية، وحتى الشارع الذي أبعد ما يكون عن النظام، فالتربية والتعليم - يا سادة يا كرام - عملية تكاملية، يشارك فيها المجتمع، فالمعلم يتخذ مكانة مرموقة في دول العالم، لا أن يتعرض للضرب والإيذاء وتدمير ممتلكاته، والمعلم أيضاً هناك يعمل ساعتين إضافيتين بعد خروج الطلاب، لا أن يسابقهم ويخرج قبلهم دون أي إحساس بالمسؤولية تجاههم!.

لذلك من العبث أن تأخذ وزارة التربية والتعليم قوالب جاهزة ونماذج مطبقة في دول متقدمة حضاريا وثقافيا، لأن النتائج ستكون وخيمة، وها هو جيل السنوات العشر الذي درس بنظام التقويم المستمر قد أثبت للجميع أنه أنهى الابتدائية، وهو لا يتقن المهارات الأساسية، مثل القراءة والكتابة، والسبب جهل من شاهد هذا النظام مطبقا في بلد ما، وأعجبه، وقرر أن يطبقه هنا، دون مراعاة الفروقات بين المجتمعين على كافة المستويات!

السؤال الأكبر، ووزارة التربية والتعليم تُنهي ببساطة عقداً من السنوات من تطبيق نظام أثبت فشله في مخرجات التعليم الرديئة، وتعود إلى نظامها السابق في الامتحانات التحريرية، هل ستبادر إلى تقديم اعتذار رسمي للجميع عن أخطائها السابقة، وفشلها في توفير معلمين أكفاء قادرين على تحمل مسؤولية التقويم المستمر؟ أم ستتجاهل الأمر، وسنرسل فئراننا - أقصد أولادنا- من جديد إلى مختبراتهم، كي نجرّب عليهم فكرة إضافة ثلاثة اختبارات تحريرية إلى وسائل التقويم الأخرى؟ وننتظر عشر سنوات أخرى؟.

مقالات أخرى للكاتب