Sunday 09/02/2014 Issue 15109 الأحد 09 ربيع الثاني 1435 العدد

التنمية والبيئة في منطقة جازان مزاوجة غير متكافئة عنوانها «التضحية»

عقيل: إنشاء بعض المشاريع قضي على 25% من الغطاء النباتي و100 ألف شتلة جعلتنا نتنازل

جازان - أحمد حكمي:

حالة من الشد والجذب بين التنمية المتسارعة التي تعيشها منطقة جازان وبيئتها البكر المتنوعة خلال فترة السبع سنوات الماضية في ظل الطفرة التنموية التي تشهدها المنطقة.

كان لازماً على كلا الطرفين أن يضحي من أجل الآخر، فالمشاريع التي كانت لا بد أن تنفذ من أجل التنمية لكن كان لا بد من إحداث توازن بيئي يحافظ على بقاء الكثير من الكائنات والنباتات التي أصبحت معرضة للانقراض.

تضحية واضحة على مستوى النظام البيئي لم تستطع الأرصاد وحماية البيئة من خلال فرعها في جازان أن تخفي تأثيراته الناجمة عن تنفيذ بعض المشاريع خاصة تلك المحاذية لشاطئ البحر.

صراع مستمر تتخلله أحياناً علاقة حميمة مبنية على التضحية من أجل نماء المنطقة وازدهار مشاريعها لكن سرعان ما تتحول هذه العلاقة إلى ندم نتيجة ما تورثه المشاريع من دمار بيئي بحسب الأرصاد وحماية البيئة والمتمثّل في القضاء على نبات الشورى (المانجروف) وبعض الكائنات البحرية.

مشاريع تفتقد لكل المتطلبات التي يجب الالتزام بها من قبل أي جهة حكومية لإقامة مشروع على شاطئ البحر ولكن تدخل أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز حال دون استمرارية بعض المشاريع ما لم تراع شروط المحافظة على النظام البيئي وبالفعل تم الالتزام بذلك.

حكاية طويلة تروي قصة مزاوجة غير متكافئة بين المشاريع التنموية والنظام البيئي نتج عنها علاقة أقل ما يمكن وصفها بأنها قاسية لما نتج عنها من أضرار بيئية حتى اللحظة.

«الجزيرة» من خلال هذه الحلقة تحاول المرور على بعض الأضرار البيئية الناتجة عن نهضة تنموية لم تراع في بعض الأحيان أهمية المحافظة على بعض الأحياء البرية والبحرية التي تكتنزها طبيعة منطقة جازان.

بداية التقينا بمدير فرع هيئة الأرصاد وحماية البيئة بمنطقة جازان عبداللطيف عقيل الذي أوضح أن الوضع البيئي لا بأس به كون المنطقة بكراً وناشئة وقليلة المصانع عدا بعض المخالفات المتمثلة في مرامي البلديات وبعض مشاكل الصرف الصحي والتعدي على نبات الشورى.

تنازل مشروط بـ100 ألف شتلة

وقال: المنطقة تعيش تنمية متسارعة الأمر الذي أدى إلى تقديم الكثير من التنازلات على حساب البيئة خاصة فيما يخص نبات الشورى (المانجروف) فعند إنشاء المدينة الاقتصادية بالمنطقة قضي المشروع على الكثير من نبات المانجروف في موقع المشروع فيما يعادل على 25 % من الغطاء النباتي هناك ولكن تنازلنا كان مشروطاً بالتزام المقاول بزرع 100 ألف شتلة من نبات الشورى (المانجروف) في أنحاء متفرقة ولكن للأسف نسبة كبيرة من هذه الشتلات لم تنجح زراعتها لكن هناك تنسيق مع الثروة السمكية لزراعة الشورى بشكل مكثف لأن انقراض هذه النبتة يعد كارثة بيئة عطفاً على الفوائد.

لجنة خماسية للشخوص على المواقع

وأضاف عقيل لدينا في المنطقة لجنة مشكلة من عدة جهات لحماية الشواطئ ممثلة في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والأمانة وحرس الحدود ومركز أبحاث الثروة السمكية وفرع وزارة المالية وعادة ما تلعب الأمانة دور المنسق كونها الجهة المعنية بطرح مشاريع الاستثمار وتطلب اللجنة للشخوص على المواقع خاصة الساحلية منها ويعمل تقرير مبدئي للرفع به إلى اللجنة الرئيسية وفي حالة موافقة اللجنة على الموقع تلزم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة صاحب المشروع بعمل دراسة تقييم الأثر البيئي.

اشتراطات لم تنفذ وتجاوب أمير المنطقة

وقال عقيل: متى ما التزمت الجهات الحكومية المعنية بالاشتراطات البيئة في أي مشروع يتم تنفيذه فلن نجد أي أثر بيئي مؤثر ولكن للأسف ما يحدث هو عكس ذلك تماماً فغالبية المشاريع لا تلزم فيها الجهات بالاشتراطات البيئة وبالتالي بيئتنا مهددة ولا بد من إيقاف هذه التجاوزات خاصة المتعلقة بردم البحر بحيث تعمل عبارات يمكن من خلالها أن يمر الماء من خلالها ورفعنا مؤخراً بذلك لمقام الإمارة وتجاوب معنا أمير المنطقة ووجه اعتماداً بذلك.

مرامي النفايات والغازات السامة

وأشار مدير فرع الأرصاد وحماية بجازان إلى الآثار البيئية الناتجة عن مرامي النفايات والمخلفات تتم بطريقة عشوائية حيث يتم في النهاية التخلص منها بحرقها وهذه لها آثارها ليس فقط على البيئة بل يتعدى الأمر إلى الأفراد نتيجة استنشاق الغازات السامة الناتجة عن الحرق وبالتالي لزاماً أن يسمح للشركات بإعادة التدوير والاستفادة من النفايات مبيناً أن الأمر ينطبق تماماً على طمي الصرف الصحي من حيث التأثير على التربة والمياه الجوفية وهذه لا يمكن أن تزول أضرارها إلا بعد الانتهاء من تنفيذ مشروع محطة الصرف الصحي إذا تمت المعالجة الثلاثية والتي من خلالها يمكن أن تستخدم المياه الناتجة في ري الحدائق وغيرها.

مركز لمكافحة التلوث في المنطقة

ويضيف عقيل أن إنشاء مركز مكافحة التلوث في منطقة جازان سيساعد بشكل كبير في ايجاد الحلول لحالات التلوث التي تتعرض لها شواطئ المنطقة من خلال الدراسات والتقارير التي تنج عنه وسنصل بإذن الله إلى حالة من الأمان البيئي.

نهل الرمال وغياب العقوبة

وأردف عقيل يشكل نهل الرمال بأعماق تتعدى 2م كارثة بيئة لا بد من التنبه لها وقبل ذلك موافقة اللجنة المشكلة عدة جهات منها الإمارة والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والدفاع المدني والزراعة والمياه لمعاينة الموقع وللأسف تبقى هناك تجاوزات في هذا الشأن وتحتاج إلى عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه العبث بالبيئة وتدميرها.

اللجنة الخماسية مسؤولة

من جانبه بيّن رئيس نادي أصدقاء البيئة بمنطقة جازان يحيى بن علي عبير أن ما يحدث للبيئة في منطقة جازان أمر محزن نتيجة تنفيذ بعض المشاريع التي دمرت الأحياء البحرية محملاً اللجنة الخماسية التي تضم عدداً من الجهات الحكومية كامل المسئولية.

حاجز بحري يدمر الكائنات البحرية

وقال العبيري: إن إنشاء حاجز بحري على منطقة بحرية تمتد أكثر من عشرة كيلومترات من جنوبي مدينة الملك فيصل الرياضية إلى جنوب القرية التراثية يعد تدمير للشاطئ الذي يعتبر من أجمل شواطئ المنطقة بملايين الكائنات البحرية التي تم احتجازها داخل هذا ويمتلئ الحاجز بل إنها ستدمر مئات من أشجار المانجروف بما فيها المشتل الوحيد في المنطقة الذي تشرف عليه وزارة الزراعة ويساهم في الحفاظ عليه الكثير من أبناء المنطقة المتطوعين من أجل مستقبل أفضل.

خطورة الأمراض الفيروسية

ووصف العبيري تسليم شاطئ يمتد من المضايا شمالاً إلى السهي جنوباً بما يقارب 30 كيلو متراً لشركات الاستزراع السمكي بالكارثة لما لذلك من آثار على البيئة البحرية وخطورة نقل الأمراض الفيروسية من المزارع السمكية إلى الحياة البحرية كما حصل حينما اجتاح فيروس البقعة البيضاء في نهاية العام 2012 جميع مزارع الأسماك في المملكة وتم إيقاف هذه المزارع لعدة أشهر بما فيها جميع المزارع السمكية بمنطقة جازان ناهيك عن مياه الصرف لهذه المزارع وخطورة تصريفها في البحر.

محمية جزر فرسان

وأكد رئيس الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في محمية فرسان عبدالواحد ناصر أن المحمية ليست مقتصرة على الغزال فقط بل إن هناك نباتات وكائنات مختلفة تمثل التنوع البيئي للمحمية.

وقال ناصر: نعم الغزال هو من أبرز الأحياء في فرسان وقد بدأ في تناقص الأعداد، وهو من النوع النادر على مستوى العالم (الادمي الفرساني)، مبيناً أنه أصبح يتواجد في أماكن محددة بسبب التمدن والإضاءة وكذلك الصيد من قبل بعض المتسللين إلى المحمية لكنه ما زال موجوداً وتختلف أعداده بين فترة إلى أخرى.

وقال عبدالواحد ناصر: إن محمية جزر فرسان تمتاز بتنوعها الإحيائي الكبير الذي يميزها عن سائر محميات المملكة العربية السعودية، حيث تحتوي على مواطن ذات أهمية كبيرة كالشعاب المرجانية وغابات الشورى والأعشاب البحرية والطحالب والمستنقعات الملحية، بالإضافة إلى مواقع التعشيش للعديد من الطيور والسلاحف.

وتعتبر الجزر من أهم الممرات لهجرة الطيور وتحوي حوالي 145 نوعاً من الطيور وتضم أكبر تجمع للبجع وردي الظهر في البحر الأحمر، وأكبر تجمع للعقاب النساري في الشرق الأوسط، وفي الجانب النباتي تحوي الجزر أكثر من 180 نوعاً من النباتات، 4 منها يقتصر وجودها في المملكة العربية السعودية على جزر فرسان.

ويضيف تحتوي المحمية على أكثر من 230 نوعاً من الأسماك، كما تتميز باحتوائها على العديد من الأحياء الفطرية المهددة بالانقراض كالسلحفاة الخضراء والسلحفاة صقرية المنقار، وعرائس البحر والدلافين، وبعض أنواع الحيتان وأسماك القرش.

وأكد الأستاذ عبدالواحد أن المحمية تضم 50 نوعاً من المرجان، وتتنوع بها الأعشاب والطحالب البحرية وغابات القندل والقرم المهمة كحاضنات لصغار الأسماك والقشريات.

وبيَّن رئيس محمية فرسان أنه منذ إعلان الهيئة الوطنية جزر فرسان محمية قبل 22 سنة برزت عدد من السلبيات في التنسيق بين الجهات المختلفة بالجزيرة منها إنشاء شبكات طرق دون تنسيق مسبق وممارسة الصيد العشوائي وغير المرشد للأسماك مما يهدر مستقبل الثروة السمكية وكذلك استمرار عمليات مخالفات صيد الأحياء الفطرية المهددة بالانقراض كالظباء إلى جانب ردم بعض الشواطئ وتجريف البعض منها مما يهدد بيئة المحمية واستزراع أنواع غير محلية كأشجار البرسوبس والذي كان له الاثر الكبير في منافسة الأنواع المحلية وإزاحتها من مواطنها الطبيعية.

جهود تطوعية لإنقاذ البيئة

تقوم عدد من الجهات الحكومية والأهلية في منطقة جازان بالعديد من الحملات التطوعية لتنظيف البيئة خاصة شواطئ المنطقة وكان من ضمنها مشاركة وكيل الإمارة الدكتور عبدالله بن محمد السويد في حملة بيئية تطوعية لتنظيف شواطئ مدينة جيزان بالإضافة إلى مشاركة العديد من المسؤولين في المنطقة بمثل هذه الحملات استشعارا لدور المسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة.