Sunday 09/02/2014 Issue 15109 الأحد 09 ربيع الثاني 1435 العدد
09-02-2014

الاختلاف في تفسير المعنى بين قصد الشاعر ورؤية المتلقي 2-2

هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد

لافرّعن البيض نحمي جالها

في الحلقة الماضية كان الحديث عن كلمة (البيض) في قصيدة الخياط، وهل كان المقصود (النساء) كما يرى البعض أم أنه قصد (السيوف) كما يرى آخرون, وبما أنني قد رجحت أن الشاعر قصد النساء فلا بد من استعراض بعض النماذج التي بنيت عليها هذا التوجه.

يقول العم إبراهيم العبد الله المرزوقي (توفي منتصف الأربعينات الهجرية من القرن الماضي) وهو من شعراء الحرب في تلك الحقبة:

ينخننا بيض الخدود الفرّع

ينخن ربعي سلة القصمان

لعيونهن نضرب على المنقية

ونعقّب المدفع ورا الصيوان

ان كان مانروي شبات الهندي

حرّم علينا البفت والقيلان

والبفت والقيلان نوع من القماش الذي يلبسه الرجال آنذاك

أيضا في هذا الشأن يقول سيف بن غزيل العجمي:

وان صاح صياحٍ ورا اطراف الدبش

زين المعاني سابقي دني لها

نطعن لعين البنت لامن فرعت

لاوقفت فوق الحني عيني لها

اما الفارس المشهور زقم العيط الشمري فيقول:

الله على الشقرا إلى جن مع الريع

نصفٍ مجاويخ ٍ ونصفٍ مداريع

اردها لعيون بيضٍ مفاريع

وال السماء يفك روحك وروحي

وكذلك يقول مبيريك التبيناوي من شعراء شمر:

وجبنا شدا حشوانهم والجهامي

مع حلة اليديان هم والمغاصيب

لعيون بيض فرعن باللثامي

واللي وقع ماعنه سايل ولامجيب

والمسألة هنا لا تعدو كونها عرفا ونهجا وثقافة تجسدت معانيها في مثل هذه القصائد التي تعطي انطباعا وافيا عن هذا النهج الذي لا يقتصر على جماعة أو قبيلة وإنما يشمل الجميع في تلك الحقبة من حاضرة وبادية وهي تصب في معنى واحد هدفه بث روح الحماس والتجييش وشحذ الهمم بين الرجال. فالنساء لهن دور فاعل ومؤثر أثناء احتدام النزال فالصياح والتفريع ورمي القناع له مفعول السحر لدى المقاتلين خصوصا في حال الدفاع ولو أردنا الاستزادة من تلك النماذج فسنجد الكثير فهذا الفارس شليويح العطاوي يقول من قصيده له:

تطلعن يالبيض في مركاضنا

وصلت كسايرهم إلى الجرداوي

لارحم أبو من صد عن محرافها

من يوم طار الستر عن مضاوي

نطعن لعين اللي تهل دموعها

تبكي وفي تالي البكا نخاوي

وفي هذا السياق لا يمكن أن نتجاوز شاعرا من أهم شعراء الحرب في تلك الحقبة وهو الشاعر محمد العوني حيث يقول من قصيدة له:

ينخنكم بيض تدق الرقومي

بيض فرجهن من كبار الشرايا

انتم ذراهن عن لهيب السمومي

وانتم فزعهن لايخلن عرايا

أما الشاعر محمد الشعيبي وهو من الأسرة التي تنسب لها حارة الشعيبي الواقعة وسط مدينة عنيزة فيقول:

البيض من فوق الحنايا فرّع

والخيل من ضرب الطوال تجفّلي

ومع كل ما سقناه من أمثلة ربما تعطي دلالة على أن الخياط قصد النساء إلا أن هذا ليس كافيا للقطع بذلك لان البيض أيضاً تعني (السيوف) في بعض المواقف وان كانت قليلة ولا توازي مثيلتها إلا أنها موجودة. وهنا نورد بعضا مما يؤيد ذلك لإنصاف أصحاب الرأي الاخر. يقول حاكم البحرين ابن خليفة:

حموا ساحة البحرين بالبيض والقنا

وتحملوا قالات من جاء يرودها

وكذلك يقول بن مانع:

حربنا ببيض الهند هامات ضدنا

ونزلنا ديار العز ملفا الجمايع

ونختم بقول الشاعر محمد الشعيبي الذي جمع كلا المعنيين وصاغهما في قالب واحد حينما قال:

والبيض غضات الشباب حواسر

مثل البدور دموعهن تبددا

من شد مايوحن من وقع الضبا

بالبيض واطراف الرماح تورّدا

واعتقد ان في قول الشعيبي ما يكفي لإيضاح الصورة. أما بيت الخياط فسيظل يحمل كلا المعنيين حتى وان كان الرأي الراجح يوحي أنه قصد النساء.

مقالات أخرى للكاتب