Wednesday 12/02/2014 Issue 15112 الاربعاء 12 ربيع الثاني 1435 العدد
12-02-2014

الجنادرية: نجاح البرنامج الفكري!

اختارت الجنادرية موضوع «الإسلام السياسي» كمحور رئيس لنشاطها الفكري المنبري لهذا العام، جرياً على العادة في اختيار موضوع محدد للنقاش كل عام. وهو موضوع مهم وخصوصاً في هذا التوقيت الذي تموج فيه منطقتنا بالصراع الطائفي والسياسي والأمني، الذي أصبح صراعاً مكشوفاً وصراعاً معيقاً للانطلاق نحو المنافسة العالمية على المستويات العلمية والاقتصادية والتقنية. صراعاً أصبح منهكاً للقوى السياسية وللنخب الفكرية ومعيقاً للتعاون والعيش بسلام واطمئنان بين دول المنطقة وشعوبها.

لست أدري ماذا أعدت الجنادرية لهذا الحوار أو كيف هي قادرة على الإتيان بجديد في هذا الشأن، وما هي وسائلها لإقناع الحضور للاستماع والمشاركة في ما ستقدمه؟ لكننا نتفاءل وبالذات في حال تحققت للندوات والحوارات المعايير والمتطلبات التي تتفق مع أهميته ومع متطلبات العصر وآلياته المعاصرة.

أول هذه المتطلبات هو المباشرة، فلغة العلم والعصر المتقدم تقنياً لم تعد تقبل المواربات والتوريات والتلميحات. لم يعد مقبولاً أن نقرأ أو نسمع أرتالاً من الكلام المرصوص لنصل في النهاية إلى التخمين لما يريد الكاتب/ المتحدث قوله فيما بين الأسطر. نحتاج أن نتعلم لغة العصر لنخاطب إنسان العصر والمستقبل.

ثاني هذه المتطلبات ويكمل الأول يتمثل في الالتزام بشروط المرجعية العلمية والفلسفية للمواضيع المطروحة وليس مجرد الاكتفاء بالعاطفية والتلقائية في طرح الآراء. إنها ملاحظة بارزة في لقاءات وندوات عربية ومحلية تدني الموضوعية وتحولها إلى حشو كلام يشبه كلام الديوانيات الشعبية، وبالتالي لا تشكل إضافة معرفية ومرجعية للمستقبل.

ثالث المتطلبات لأي طرح أو حوار ناجح هو الاستعداد لسماع مختلف الآراء وإتاحة الفرصة للجميع لطرح آرائهم بكل وضوح وصراحة. أحد معاول فشل الندوات العربية بما فيها العديد من الندوات المحلية يكمن في إحضارنا من يتفق مع آرائنا وتوجهاتنا ليدغدغ مشاعرنا أو ليزكي مشروعنا وبالتالي نفقد فرصة سماع الرأي الآخر. لا ينجح نقاش أو حوار فكري وأنت تضع الشروط المسبقة له بعدم التعرض لهذه النقطة أو تلك وتحجر على المحاور فيما يود قوله. الموضوع السياسي - موضوع هذا العام - ذو طبيعة حساسة وأحياناً يكون الطرح فيه مكبلاً ومقلقا. أو هكذا أراه حتى في كتابتي هذه التي أتوخى فيها الحذر من كلمة تثير تحفظ الرقيب، رغم أنها مقالة بعيدة عن تفاصيل الحدث السياسي.

رابع هذه المتطلبات هو كسر الحاجز بين الحوار النظري وبين الواقع التطبيقي. قد يجلس المنظرون والأكاديميون أياما (يلوكون) في التفاصيل والتعريفات النظرية، لكنهم حتماً يودون أن يستمع - ويشارك إن أمكن - أصحاب القرار إلى مداولاتهم ويودون أن يستمعوا إلى وجهة نظر من هم يعملون في الميدان. في الجنادرية ربما نود أن نتجاوز مجرد رعاية مسؤولي الدولة للافتتاحيات ونرغب في حضورهم للندوات والنقاشات ونود تفاعلهم ومشاركتهم بإيضاح فلسفة وفكر الدولة وآلية عملها في القضايا المطروحة.

لست هنا أطرح تعليمات وأدرك أن موضوع شروط نجاح الندوات الفكرية متعددة لا أحصرها هنا بقدر ما ألقي الضوء على بعض ما أراه مهماً منها، وينطبق على ندوات أخرى يبذل في إعدادها الكثير من المال والوقت، لكنها لا تترك الأثر الموازي لكل تلك الجهود. وربما نأتي في نهاية ندوات الجنادرية لنعلق على تميزها ونطرح مزيداً من الأفكار حولها.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب