Friday 14/02/2014 Issue 15114 الجمعة 14 ربيع الثاني 1435 العدد
14-02-2014

فتنة «النصر»: الخمر الحلال

عاد فريق «النصر» إلى ساحة التنافس الكروي والتصدر والفوز فصار كالذي حرك دوائر الجمود..

عاد النصر فكسر بعودته رتابة المتصدر وتكرار البطل وتشابه المتنافسين..

عاد النصر لتتسع دائرة الصراع على بطولات الكرة السعودية بعد أن كادت تكون حكراً على هلال واتحاد وشباب.. عاد النصر ليثير نقع الملاعب ويكسر وهج الفلاشات ويدير رقاب الكاميرات ويجلب الصراخ والضجيج ويزلزل الساكن..

عاد النصر من غبار الذاكرة التي كادت أن تنمحي؛ ليشعل أقلاماً كادت تنسى لُغة الألف باء ومبادئ الهجاء، ويوقد عيوناً ترمدت من الحزن، ويعيد للمدرجات سيقاناً شاخت وظهوراً أحدودبت، لكن حبهم الماكث وعشقهم اللابث عالج الزهايمر وحقن الأقلام بوريد الكتابة والعيون بوميض الإبصار وأعاد الشيوخ إلى صباهم الذي كان.

لقد جاءت عودة النصر لتكون فألاً حسناً على الكرة السعودية، حيث عادت الجماهير النصراوية إلى فريقها بعد أن كانت توزع ميولاتها لمساندة الاتحاد والشباب وحتى الفتح في مواجهة الهلال منافسها التقليدي، كانت جماهير النصر تصفق للاتحاد وترفع علم الشباب وتهزج للأهلي وتشجع الجميع طالما أنهم يحدون من زعامة الزعيم، لكن هذه الجماهير في واقعها كانت تتحسر في دواخلها لأنها تشعر أنها تشجع بالنيابة وتفرح بطريقة المبني للمجهول، كانت جماهير فارس نجد تريد أن تفرح مباشرة دون وسيط أو دون محلل وأن تتوج فريقها ليكون تصفيقها لنصر النصر.. فالحب الأصلي رغم كل شيء يغلب التقليد.

في هذا الموسم تحقق لهذه الجماهير بغيتها بعد أن استطاع النصر أن يتصدر الدوري مبكراً ويستمر في الصدارة ويعض عليها بالنواجذ ثم يلحق هذه الصدارة بكأس ولي العهد ومن أمام غريمه التقليدي «الهلال».. هذه الصدارة المبكرة هي التي أيقظت هواجع الجماهير الصفراء وطيرت نعاسهم وحركت جوامد حياتهم وأشعلت جذوة الحماس في صدورهم وكل ذلك هو الذي أسهم في هذا البركان النصراوي الذي أشغل الساحات وملأ فراغ المساحات وبسط فتنته في الداخل والخارج مما جيش العارف بالكرة وغير العارف، تصدر النصر استقطب اهتمام الذين يحبون الكرة والذين لا يلقون لها بالاً من خلال تعويذة «متصدر لا تكلمني».. هذه الفتنة الجميلة سكبت بهاراتها ولذعاتها على دوري جميل فأصبح جميلاً وحراقاً، لكن «خمرتها» زادت حتى طيشت عقول بعض محبي النصر الذين قتلهم جوع البطولة فقادهم إلى الفتنة السلبية التي أذهبت وقار بعض المسؤولين وزادت من رقعة التعصب على نحو جعل بعض صانعي الأجيال من المعلمين يفرضون تحية النصر على صغار أبنائنا في الطابور الصباحي والحال كذلك مع بعض قضاة الملاعب وبعض الإعلاميين وزادت حالات التشفي من بعض جماهير النصر من جماهير غريمهم حتى أنك لتظن أن الهلال يصارع على الهبوط بينما هو الذي يجاريهم في حلبة التنافس هذا الموسم حذو القذة بالقذة ، لكن هذا التشفي يبرره غياب النصر الساحق والماحق عن بطولة ولي العهد لأربعين عاماً ومثلها غيابه عن بطولة الدوري خلال عقدين وهذا الغياب الطويل هو الذي يسوغ هذا الجنون الأصفر وهذه البراكين المتفجرة.

لا شك عندي أن رجوع النصر لسدة التنافس الكروي المحلي ستشكل إضافة إيجابية للكره السعودية على صعيد الحضور الجماهيري وعلى صعيد التعاقدات الكروية محلياً وأجنبياً، وأنتظر في قابل الأيام أن تستعيد جماهير النصر توازنها العاطفي وتدرك أن فوزها بالبطولة هو استحقاق للجهد المبذول من قبل الإدارة ومن قبل المساندة الشرفية والجماهيرية.. وأتمنى أن تعود هذه الجماهير بعد نشوة النصر إلى الأرض وتتلمس مواقعها جيداً لتدرك أن الاستمرار يقتضي الاستقرار.

مقالات أخرى للكاتب