Saturday 15/02/2014 Issue 15115 السبت 15 ربيع الثاني 1435 العدد
15-02-2014

سلمان بين أربع دول

العلاقات الدولية بين الدول، وتحديداً الثنائية منها، تعتمد على الشفافية والصدق وتجنب ما يسيء إليها من تدخل في الشؤون الداخلية بما يلحق الإضرار بمصالحها، وفي مقابل ذلك تكون لها القوة والصمود وإثراء المصالح المشتركة حين تعتمد على تهيئة الأجواء لخلق المزيد من فرص التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والأمنية وغيرها في أجواء تسودها الثقة، وتكون انعكاساتها لصالح الجانبين، بما لا يثير الشك أو الريبة أو الخوف من هذا الطرف أو ذاك.

* * *

وعلى امتداد علاقات المملكة بغيرها من الدول القاصي والداني منها، العربي وغير العربي، المسلم وما يقابله من غير المسلمين، ظلت سياستها تعتمد على المبادئ التي رسمها لها مؤسس الدولة الملك عبدالعزيز، معتمدة على أنه لا خيار آخر بغير هذا المفهوم يمكن أن تستقيم علاقاتها الطبيعية مع غيرها من الدول، وأن ما اختطته لنفسها من سياسات أثبتت السنوات والتجارب والخبرات على أنها ساهمت في تثبيت أركان الحكم، وجنبتها الكثير من مظاهر الفوضى بما فيه الخلاق منها، وضمنت لشعبها هذا الاستقرار والأمن وسلامة الأراضي من دون أن تفكر أي قوة في المساس بها.

* * *

وعلى خطى سياسة الملك عبدالعزيز أمكن للمملكة أن تواجه التحديات التي مرت بها في جميع عهود ملوكها بالصمود وإفشال كل من فكر أن ينال من مقدساتها ويشوّه وجهها المشرق، سواء من الداخل أو الخارج بأقل التضحيات وأقل الأضرار، ودون أن تفرط في حق لها، أو تتنازل عن مبادئ تؤمن بها مدعومة بتلاحم وتعاون وثبات في المواقف بين القيادة والشعب.

* * *

واليوم، يطير ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى أربع دول صديقة، يزورها زيارة رسمية ليستكمل ما كان قد تم التوصل إليه من اتفاقيات وبرامج عمل مشتركة بين الملك عبدالله وقيادات هذه الدول خلال زياراته السابقة لها، وليؤكّد أيضاً أن كل ما تم الاتفاق عليه من سياسات سابقة في عهود ملوك سابقين هي موضع احترام المملكة والتزامها بما تم الاتفاق عليه.

* * *

ليس هذا فحسب، وإنما سيكون ضمن برنامج هذه الزيارات الأميرية إنجاز المزيد من الاتفاقيات الجديدة، بما يعود أثرها وفائدتها على المملكة وعلى هذه الدول مجتمعة، فضلاً عن التفاهم على السياسات والمواقف المشتركة تعزيزاً لوحدة دولنا واستقرارها من التقلبات التي تعصف بالكثير منها، وتكاد أن تقوّض أمنها واستقرارها وترمي بها نحو المجهول، إن لم تكن قد فعلت ذلك.

* * *

إن زيارة للهند واليابان بما لهما من ثقل اقتصادي وصناعي مثلاً، ولباكستان أيضاً بما لها من علاقة بالمملكة بحكم رابط الإسلام الذي يجمعنا ويؤاخي بيننا، هي زيارة تاريخية بامتياز وبكل المقاييس، إذ سينقل الأمير إلى أصدقاء المملكة وجهة نظر المملكة من التطورات الأمنية والسياسية في العالم، وسيحدثهم عن الفرص المتاحة في المملكة وإمكانية التعاون صناعياً واقتصادياً مع هذه الدول، ضمن منظومة تبادل المصالح المشتركة التي تؤمن بها المملكة.

* * *

ولا بد أن نذكر أن مثل هذه الزيارات سواء من قبل قيادات المملكة أو من المسؤولين فيها، ومثلها من يزور المملكة من الزعماء والمسؤولين في الدول الأخرى هي بمثابة خطوات مشجعة لكل طرف لإثراء هذه العلاقات بالكثير من فرص التعاون، وهي إذ تتواصل إنما لاستثمار الطاقات والإمكانات لدى كل جانب دون إلحاق أي ضرر بأي منها، فالهدف من الزيارات وضع خطط وبرامج لعلاقات ثنائية مثالية، والاتفاق على إستراتيجيات متوازنة تراعي مصلحة الجانبين نحو شراكة يستفيد منها الجميع.

* * *

زيارات أميرية موفَّقة - إن شاء الله - في وجهتها وتوقيتها، بانتظار ما سيتم الاتفاق عليه بين سموه وكل دولة من هذه الدول، فما يحمله أميرنا سلمان من ملفات وموضوعات مهمة ستكون بالتأكيد هدف هذه الزيارات والمشجع لها، والبرنامج المعد لها لا بد أنه أخذ حقه بعناية واهتمام.

مقالات أخرى للكاتب