Thursday 20/02/2014 Issue 15120 الخميس 20 ربيع الثاني 1435 العدد
20-02-2014

الدراسة الجدلية بين فيسبوك وجامعة برنستون

التوقعات تشير إلى إمكانية أن يخسر الفيسبوك أكثر من ثمانين في المائة من جمهوره خلال السنوات القليلة القادمة.. هذه نتيجة مخيبة للآمال للسيد مارك زوكيربج مؤسس الفيسبوك والمسئول التنفيذي لشركة الفيسبوك الحالي. وقد كانت هذه التوقعات عبر دراسة قام بها فريق بحثي من جامعة برنستون.

وسببت هذه الدراسة جدلا كبيرا في أوساط الفيسبوك من ناحية وفي أوساط مجتمع شبكات التواصل الاجتماعي بشكل عام..

وقد انبرى الفريق العلمي لشركة فيسبوك لينتقد هذه الدراسة التي قذفوا بها كأنها تطلق رصاصة الرحمة على فيسبوك بتوقع أن مستخدميه سيتقلصون بشكل كبير ابتداء من العام القادم إلى عام 2017م بنسبة 80% كبداية لعصر نهاية الفيسبوك وبداية شبكات جديدة. وأشارت الدراسة إلى أن فيسبوك قد وصل هذا العام ذروة الوصول باستحواذه على حوالي مليار ومئتي مليون (وتحديدا 1.19 مليار) من جمهوره الواسع الانتشار في كل أنحاء العالم، ولكن هذه الذروة سيتبعها تراجع كبير جدا سيفقده أكثر من تسعمائة مليون مستخدم خلال الأربع سنوات القادمة، في مرحلة تحول كبيرة لدى المستخدمين نحو خيارات أخرى في تقنية الاتصال والإنترنت.

وقد أظهر باحثو شركة فيسبوك انتقادهم الكبير على المنهجية التي استخدمها باحثو جامعة برنستون والتي أوصلتهم إلى النتيجة المتشائمة لبقاء الفيسبوك، حيث اعتمدت الدراسة الجدلية على تقديرات حجم البحث عن الفيس بوك في محركات البحث وتحديدا جوجل، وتشير هذه المؤشرات التي أثبتها تقرير برنستون إلى انحدار كبير في البحث عن فيسبوك في محركات البحث، وهذه المنهجية قد تم استخدامها فيما ما مضى من دراسات عن انتشار الأمراض وانحسارها، فتشير مؤشرات البحث إلى تنامي الاهتمام بمرض أو فيروس معين ويتنامى إلى أن يصل إلى الذروة، ولكنه بعد فترة يبدأ يضعف إلى أن ينحسر الاهتمام به نهائيا.. وهذه المنهجية هي التي انتقدها باحثو شركة فيسبوك ومستغربون تشبيه شبكة الفيسبوك بفيروس مرضي في تحليل انتشاره وانحساره.

وكان تقرير جامعة برنستون قد أورد ما حصل لشبكة ماي سبيس My SPACE التي كانت من أوائل شبكات التواصل الاجتماعي تأسست عام 2004م وقد سبقت فيسبوك في الانتشار، ووصلت إلى ذروتها، ولكن بعد ذلك تراجع عدد المستخدمين إلى أن ضعفت وتقريبا انتهت رغم أن شركة مرودوخ نيوزكوربوريشن قد امتلكتها. ويشير التقرير إلى أن ماحصل مع ماي سبيس سيحصل مع فيسبوك، وهذا ما حدا بباحثي شركة فيسبوك إلى القول إن هذا التشبيه غير صحيح، ولم تضعف وتنحدر ماي سبيس بشكل طبيعي، ولكن الذي أجهز عليها وقضى عليها هو خروج فيسبوك، حيث استطاع وفي فترة قصيرة رغم تزامن إنشائه مع ماي سبيس أن يجهض على هذه الشبكة التي كان عدد مستخدميها قد وصلوا إلى أكثر من مائتي مليون.

كما رد باحثو فيسبوك على المنهجية التي استخدمها باحثو برنستون بالقول إن الأغلبية الحالية التي تستخدم فيسبوك لا تبحث عنه في محركات البحث، ولكنها تجده في تطبيقات الهواتف الذكية حيث يصلون إليه عبر تحميل هذه التطبيقات، في إشارة إلى أن مؤشرات البحث ليست دليلا على صدقية ما وصل إليه تقرير برنستون. ولم يتوقف باحثو فيسبوك عند هذا الحد بل هاجموا جامعة برنستون، فحاولوا يطبقون نفس المنهجية على جامعة برنستون ووصلوا إلى نتيجة أن جامعة برنستون ستختفي من الوجود عام 2012م بتلاشي وجود أي بحث عنها إذا تم تبني نفس الاتجاه الإحصائي باستخدام منهجية بحث المحركات.

ولكن الحقيقة الأخرى أن دراسات أخرى من مصادر غير جامعة برنستون تشير إلى تقلص مستخدمي فيسبوك لدى شريحة الشباب دون سن العشرين، واستبدالهم ذلك بشبكات أخرى يأتي من أهمها الواتس اب التي بدأت تجتاج الهواتف الذكية في العالم. ولكن الظاهرة الأحدث هي سناب تشات Snapchat وهو تطبيق طوره عدد من طلاب جامعة ستانفورد وبدأ يجتاح الهواتف الذكية، وله حوالي عامان تقريبا ولكنه أصبح موضة جديدة قد تتجاوز أعداد مستخدمي الواتس اب قريبا، حيث تم خلال عام واحد فقط إرسال أكثر من أربعمائة مليون رسالة. وأهم ما يميز هذا التطبيق هو القدرة على التقاط صورة أو فيديو قصير جدا وإرسالها لمن تريد من قائمة المسجلين لديك في جهاز جوالك، ولكن الأهم هو اختفاء هذه الصورة أو الفيديو خلال أقل من عشر ثوان من جهازك نهائيا..

ولا شك أن هذه التطبيقات إضافة إلى وجود تويتر وتنامي أعداد المستخدمين فيه سيؤثر حتما على واقع الفيسبوك مستقبلا.. وهذا قدر التقنيات، البعض منها ينسخ الآخر، والجديد يتطاول على القديم، والأحدث يصبح هو موضة الناس، ولكن الأهم أن كل جديد في التقنية يأتي بميزات لم تكن موجودة في تقنيات سابقة، وهذا ما يجعله يتفوق ويسيطر ويهيمن، ولكن إلى أجل معين..

alkarni@ksu.edu.sa

- رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد

مقالات أخرى للكاتب