Friday 21/02/2014 Issue 15121 الجمعة 21 ربيع الثاني 1435 العدد
21-02-2014

أيهما أصعب: تشييِد ناطحة سحاب أم بناء إنسان؟

العالم في الغرب والشرق والشرق الأوسط يتسابقون على بناء أطول ناطحة سحاب، وبأقصر مدة، ربما لا تتجاوز عدة أشهر، إننا ننبهر حين ننظر لناطحات السحاب الجميلة الرائعة الساحرة من بناها إنه الإنسان وأي أنسان الإنسان الذي بني نفسه علميا خلقيا واجتماعيا وثقافيا ليكون إنسان منتجا في مجتمعه فخورا بنفسه. الصين تنوي بناء اطول ناطحة سحاب واليابان، ونحن ننوي هنا ومن الذي يمنع حين تملك المال لتستثمر في ناطحة سحاب.

إن بناء الإنسان من أصعب وأشق وأصعب الخطوات التي يجب المرور بها وتجاوزها، والبداية من قوله تعالي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، يقاس تقدم الدول في عصرنا الحاضر بما لديها من منجزات حضارية ومراكز أبحاث وما تقدم للبشرية، وليس ما تستهلك.

المقارنة للفترة الزمنية المطلوبة بين تشييد ناطحة سحاب وبناء الإنسان مقارنة دون شك غير عادلة، فكيف نقارن مدة أشهر مع مدة سنين؟ إن بناء الإنسان هو حجر الأساس في التقدم والرقي والمحافظة على مكتسبات الوطن الغالي.

إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله- يسعي لبناء الإنسان المواطن فهي غايته وهدفه فسهل ويسر كل السبل لذلك، ورصد الميزانيات الضخمة لذلك؛ فالاستثمار في بناء الإنسان له مرود حضاري ورقي.

إن دور الأسرة في بناء الإنسان دور فعّال وحيوي وأساسي فهي النواة الأولي والتي على أساسها ينطلق الإنسان في مراحل البناء الأخرى والتي يقودها مكونات المجتمع بكل تفاصيله.

بناء الإنسان الصالح المنتج يستغرق وقتاً طويلا، ويتطلب سهراً وجهداً وصبراً ومثابرةً. مستقبل الوطن يكون ببناء الإنسان، وهذا تم بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز - أطال الله بعمره - من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي والنظرة المستقبلية للجيل القادم بتحمل المسؤولية والمساهمة في تقدم الوطن ورفعته.

الإنسان هو ثروة الوطن، الإنسان المبني على تعاليم الدين والأخذ بسبل الحياة العصرية هدف ينشده كل مواطن. حضارة الإسلام تعتبر الإنسان حجر الزاوية، ولهذا وردت تأكيدات متوالية في القرآن الحكيم على كرامة الإنسان: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، و{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. لنْ تنهض أي دوله وتتقدم إلا بالتعليم. وبهذا الصدد أستشهد بما قاله أمير مكة المكرمة سابقا صاحب السمو المكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم حالياً قال: اقتبس (ونوّه أمير المنطقة بما تم قطعه من شوط كبير في بناء الإنسان وبناء جسور من الثقة المتبادلة بين الإنسان المواطن والإنسان المسؤول، خصوصا بعد أن أصبح الشباب مشاركين في وضع استراتيجية منطقتهم وفي البرامج التي تخدم المنطقة وإنسانها).

أخيراُ، بناء الإنسان يحتاج عدة سنوات وهو يستحق ذلك؛ فالإنسان المتعلم وفي كافة نواحي الحياة حجر التقدم والتنمية، وهذا ما تنفذه وزارة التعليم العالي بتوجهات خادم الحرمين الشريفين - أطال الله بعمره-. الطلاب المبتعثون حين يعودون، وبدأوا في العودة فعلياً، لن يصدموا بعدم وجود وظيفة، كما يقول البعض، ببساطة هناك نمو اقتصادي يتجاوز 4.4% وآلاف المتقاعدين سنويا (أكثر من 30 ألف متقاعد) وتوسعات ضخمة في القطاع الخاص إنها مسألة إدارة.

إن شاء الله، تلك العوامل وفرص أخرى وغيرها سوف تستوعب آلاف الطلاب والطالبات العائدين إلى أرض الوطن.

sureothman@hotmail.com

موظف سابك سابقاً

مقالات أخرى للكاتب