Tuesday 25/02/2014 Issue 15125 الثلاثاء 25 ربيع الثاني 1435 العدد
25-02-2014

بطالة الأرقام الإحصائية

يمكن قياس الأمم المتقدمة بعدة مؤشرات، على رأسها دقة الأرقام الإحصائية وصدقها، ووضع خطط مستقبلية لمشروعاتها، وتنفيذها في الوقت المحدد لها دونما أي تأخير، وهذان الأمران لا يمكن العثور عليهما لدينا، لدينا أرقام متفاوتة لمعدل البطالة، لمعدل التضخم، لمعدل النمو الاقتصادي... تقريباً لا يمكن التوصل إلى معدل دقيق يمكن اعتماده، لأن اعتماد مثل هذه المعدلات والأرقام الإحصائية تفيد كثيراً في رسم الخطط المستقبلية، وعدم توفرها يعني المزيد من الفوضى وإهدار الوقت.

من أكثر المعدلات المربكة، التي لا يمكن معرفتها بشكل واضح وشفاف هو معدل البطالة، فمرة يصعد إلى خمس عشرة بالمئة، ومرة ينخفض إلى اثني عشر بالمئة، وكذلك الأمر بالنسبة للمعدلات التفصيلية، كالمعدل لدى الفئات العمرية، أو لدى كل جنس على حدة، لكن ما يثير الغرابة فعلا، حتى مع هذه المعدلات تباين معدل البطالة بين الرجل والمرأة، فهو متباين إلى درجة قد لا نجدها في معظم دول العالم، ففي آخر إحصائية منشورة، تقول إن عدد العاطلين عن العمل يبلغ (622.533) مواطناً، يمثل الذكور منهم (261.392) مواطناً، أي بنسبة 6.

1 % من أجمالي الذكور العاملين، بينما تمثل الإناث منهم (361.141) مواطنة، أي بنسبة 33.

2 % من إجمالي النساء العاملات.

ولو افترضنا صحة هذه الأرقام، فهي تعني أن هناك مواطنا عاطلا من كل 17 مواطنا، بينما هناك مواطنة من كل 3 مواطنات، وهذا مؤشر مجحف جداً، ويكشف عدم المساواة، أو حتى ما يشبه المساواة، بين فرص العمل المتاحة للرجل والمرأة في السعودية.

ولا يخفى على أحد أن فرص التوظيف الحكومي المتاحة للمرأة، وبشكل يقارب معدلات توظيف الرجل، هي في وزارتي التعليم والصحة، وإن كانت الأولى بشكل أكبر.

أما بقية الجهات الحكومية، المؤهلة لفتح فرص العمل للمرأة أسوة بالرجل، فهي لم تزل تغلق أسوارها وحواجزها الإسمنتية أمامها، رغم كل التوجيهات العليا بمنح المرأة فرص عمل مناسبة في كافة الجهات الحكومية، إلا أن الأمر يرتطم بسياسات العاملين في هذه الجهات، ومن يمتلكون قرار التوظيف.

رغم تماثل تخصصات المرحلة الجامعية للجنسين، فعلى سبيل المثال يجد خريج الحاسب الآلي فرصة عمل أفضل من خريجة في نفس التخصص، ويمكن القياس على كثير من المجالات والتخصصات الدراسية.

ولا شك أن معدل بطالة المرأة عربيا لا يختلف كثيراً عنها لدينا، فمعدلات البطالة في الدول العربية تثير الخجل والمرارة، ولكن حين تصبح بطالة المرأة أكثر من خمسة أضعاف بطالة الرجل، كما هي لدينا، فإن الأمر يحتاج إلى تدخل بقرارات ملزمة لتوظيفها في مختلف الجهات الحكومية، وبما يحفظ لها كرامتها وخصوصيتها في مواقع العمل.

وينطبق الأمر أيضاً على القطاع الخاص، فيمكن لها أن تعمل في الشركات والمؤسسات المختلفة، وأن تزداد نسب فرص العمل لها في الشركات التي تتواجد فيها، وأن تستلم مناصب في الإدارة العليا، لو توافرت لديها الكفاءة المناسبة، بمعنى ألا تحرم من كثير من الوظائف فقط لكونها أنثى! أعتقد أننا حين نتخلص من هذا التمييز، وتحضر المرأة بقوة وثقة واعتداد في معظم مجالات العمل، سيتحول المجتمع إلى مجتمع منتج بكل قواه المؤهلة للعمل، وسيصنع مستقبله الزاهر.

مقالات أخرى للكاتب