Wednesday 26/02/2014 Issue 15126 الاربعاء 26 ربيع الثاني 1435 العدد
26-02-2014

علوم العصر ومجتمعات الرخاء والدعة

وجدتْ دراسة أجرتها جهة عالمية متخصصة أن أداء الطلاب في اختبارات مواد الرياضيات والقراءة والعلوم في البلدان التي تتمتع بوفرة في الموارد الطبيعية والريعية يقل عن أداء زملائهم في البلدان التي تتسم بالمنافسة الشديدة من أجل لقمة العيش وشح الموارد الطبيعية، مع وجود استثناءات قليلة هنا وهناك.

وقد وجدت هذه الدراسة التي تستند على إجراء اختبارات في المواد الثلاث المشار إليها، واسم الاختبار PISA exam ، وجدت أن الطلاب الصينيين حققوا نتائج أفضل من الطلاب الأمريكيين في جميع تلك المواد الثلاثة، والأمر ينطبق أيضا على دول أخرى.

وقد عزت مجلة «فورين بوليسي» في مقال نشرته مؤخرأ أن سبب ذلك هو صرامة الآباء والأمهات في الصين وحرصهم على متابعة أداء أولادهم، بينما عزا أحد المشرفين على الدراسة الأمر إلى أن المجتمعات التي تتوافر لديها موارد سهلة لا تكون الحوافز للكدح كبيرة لدى أفرادها، وخاصة إذا كانت تلك الموارد ريعية لا تتطلب جهداً كبيراً للحصول عليها.

وكما كان متوقعاً، لم يكن أداء الطلاب في دول مثل السعودية وقطر والكويت والجزائر وكازاخستان وإيران وغيرها من الدول التي تتمتع بوفرة في الموارد الريعية كالنفط والغاز جيداً بعكس الحال في دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفنلندا وغيرها من الدول التي لا تتمتع بوفرة في الموارد الطبيعية الريعية.

هذا الأمر هو محل نقاش في الولايات المتحدة منذ صدور الدراسة في شهر ديسمبر 2013، خاصة أن هذه النتيجة تتفق مع النتائج التي سبق ان توصلت إليها قياسات الأداء في سنوات سابقة. والسؤال الذي يطرحه الأمريكيون هو: ما العمل للارتفاع في التحصيل الدراسي للطلاب الأمريكيين في هذه المواد الثلاث التي تعتبر هي الركيزة الأساسية للتقدم في العصر الحاضر؟

أعتقد أن علينا أن نقلق أكثر من الأمريكيين! ليس فقط لأن أداء طلابنا يقل كثيراً عن أداء طلابهم ويقل أكثر بكثير عن أداء الطلاب الصينيين وإنما لأن اقتصادنا ريعي بما لا يمكن مقارنته مع الاقتصاد الأمريكي حتى وإن كانت الحياة في أمريكا سهلة وميسرة نسبياً.

إن حياة الرخاء قد تدفع أفراد بعض المجتمعات إلى الدعة والكسل، لكنَّ هذا ليس قدراً محتوماً. والواجب على الجهات التي تخطط للتعليم وتنفذ برامجه في جميع المستويات أن ترتقي بالمناهج وبالبيئة المدرسية وبأداء المعلمين وكل عناصر العملية التعليمية.

مستقبل بلادنا يعتمد على الخلاص من السيطرة المحكمة للمورد النفطي على دخل الحكومة ودخل المجتمع. وقد استطاعت دول صغيرة مثل سنغافورة وتايوان أن تحقق المعجزات عن طريق تطوير الإنسان.

هذا هو التحدي الكبير الذي يجب علينا مواجهته. وفي هذا المقام تأتي وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والجامعات في المقدمة لقيادة المجتمع وتحقيق الآمال والطموحات.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب