Wednesday 26/02/2014 Issue 15126 الاربعاء 26 ربيع الثاني 1435 العدد
26-02-2014

اللحوم الحمراء وسرطان القولون

سبق أن نشرت محتوى هذا المقال في مجلة التخصصات الصحية ونظرا ً لأهمية الموضوع بسبب الاستهلاك العالي للحوم الحمراء في المجتمع السعودي وتعميماً للفائدة رأيت نشره ببعض التصرف في هذه الزاوية...

بداية الشكوك في احتمال علاقة ما بين الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة (القولون والمستقيم) وكميات اللحوم الحمراء في الاستهلاك الغذائي قديمة، وتعود إلى أكثر من نصف قرن على الأقل. تكاثفت الشكوك في جنوب إفريقيا (قبل الاستقلال) عندما لاحظ الأطباء هناك أن المواطنين البيض يصابون بسرطان الأمعاء الغليظة بنسب ذات دلالة إحصائية مهمة أكثر من المواطنين ذوي البشرة السوداء أو السمراء، وكانوا يسمونهم عنصرياً الملونين.

بعد دراسات مسحية وغذائية موسعة تم استنتاج أن الفارق الغذائي والمسحي الأهم كان في استهلاك الكميات الأكبر من اللحوم الحمراء. لأن البيض يشكلون الطبقة الغنية، كانوا قادرين مالياً على تناول اللحوم الحمراء بكل أنواعها حسب الرغبات والمناسبات. الملونون كانوا يعتمدون في المقام الأول على المشتقات النباتية والألبان في استهلاكهم الغذائي. إحدى المهام البحثية كانت جمع ووزن متوسط ما يخرجه المواطن الأبيض من الفضلات القولونية يومياً وعبر عدة شهور، مقارنة بنفس الإجراءات على مواطنين ملونين. اتضح أن كميات الفضلات الخارجة من الجهاز الهضمي للمواطن الأبيض ذات حجم أصغر وكميات الألياف الطبيعية فيها قليلة، مع بقاء الكثير من الدهون والبروتينات المغادرة إلى الخارج. بالنسبة للمواطنين الملونين كانت كميات الفضلات أكبر بكثير وتحتوي على كميات أكثر أيضاً من الألياف. استخلصت الأبحاث أن هناك علاقة إحصائية واضحة بين سرطان القولون ونوعية الغذاء كالتالي:

1 - كلما ازداد الاستهلاك المتوسط للحوم الحمراء ازدادت إحصائياً احتمالات الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة.

2 - أن كميات الألياف الطبيعية العابرة للأمعاء في الغذاء ربما تكون من أهم وسائل الوقاية من هذا السرطان.

منذ ذلك الحين تواترت التحذيرات من الاستهلاك المرتفع للحوم الحمراء في هذا الصدد، علاوة على مخاطرها الأخرى في مجالات القلب والشرايين والكلى والمفاصل.

في دراسة أمريكية حديثة نسبياً (هيئة السرطان الأمريكية - أتلانتا - 2009 م) أجريت على أكثر من ألفي مريض بسرطان القولون خاضعين للعلاج، وجد أن المصابين الذين كانوا يتناولون قبل بدء التشخيص كميات أكبر من اللحوم الحمراء، كانوا يتوفون بسبب المرض أبكر من المصابين الذين كانت تناولهم للحوم الحمراء أقل. المرضى الذين كانوا يتناولون أكثر من عشر وجبات تحتوي على اللحوم الحمراء في الأسبوع، كانوا يتوفون أسرع (إحصائياً) من الآخرين الذين تناولوا في المتوسط وجبتين فقط تحتوي على اللحوم الحمراء.

نفس النتائج عثر عليها بالنسبة للمرضى الذين استمروا في تناول اللحوم الحمراء بكميات كبيرة أثناء فترات العلاج.

يرى الباحثون في هذه الدراسة وجود احتمال سببي في المركبات المسرطنة الموجودة في اللحوم الحمراء. الخلاصة والتوصية: الاستهلاك الزائد للحوم الحمراء بأنواعها يشكل خطراً حقيقياً في احتمالات الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة، وبأنواع محددة من هذا السرطان، بالإضافة إلى مخاطرها الأخرى على الصحة. يقول أحد المشاركين في البحث: إننا لا نقول بحاجتنا إلى أن نصبح نباتيين، ولكن حوالي أربع وجبات تحتوي على اللحوم الحمراء في الأسبوع قد تكون هي الحد الأعلى المسموح به. حمانا الله جميعاً من كل مكروه وخصوصاً من أمراض الرفاهية الغذائية والإسراف التي نشاهد تكاثرها يوماً بعد يوم.

- الرياض

مقالات أخرى للكاتب