Wednesday 26/02/2014 Issue 15126 الاربعاء 26 ربيع الثاني 1435 العدد
26-02-2014

الثقافة ... بين الاستباق والاستشراف!

يبدو أن لدى البعض، مشكلة مع مفهوم الثقافة، يتعامل معها، كأنها شيطان رجيم، كلما قربت مناسبة ثقافية وطنية بحتة، نرى الاستعداد العكسي لها من طرفين اثنين، وحتى يكون تناولي للقضية منصفاً، لن أتحامل على صنف على حساب الآخر، لكن لدي شواهد حاضرة، تدين الطرفين، وأيضاً سيكون التعامل مع أصحاب هذه الشواهد، كما هو ديدني، وفق القاعدة الشرعية الثابتة (ما بال أقوام) احتراماً للذوات، ولعلي أبدأ مع ما وقفت عليه ساعة كتابة هذا المقال، مما كان سبباً مباشراً ومحركاً له، معرض الرياض الدولي للكتاب، هو في قادم الأيام، ونحن نعرف أن التحرشات حوله وفعالياته تلقي بظلالها عليه في كل عام، والمسئولون بالجهات ذات العلاقة، يتعاملون معها بحكمة متناهية، مما جعل المناسبة، تعدي أيامها بسلاسة تامة، لكن والحالة تلك، وأعني بها، أن الأمور تمر كل عام، دون معكرات مشوشة، غير ما يطلق عليه بالعامية (طراطيش كلام ما يودي ولا يجيب) والقافلة مكملة مشوارها بفضل الله ثم بحكمة الرجال أصحاب العقول الكبيرة في قطاعات الثقافة والإعلام والجهات الأخرى ذات العلاقة، رأيت في أحد مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) كاتبين معروفين، أصحاب روايات، يبسطون بها في معرض الرياض الدولي للكتاب في كل عام، هاذان الكاتبان أراهما مثيران في طرحهما، يستبقان الحدث، لا يعلمان هل العمر يمتد بهما حتى موعد افتتاح المعرض أو يحول دونهما حائل من ظروف الحياة؟ رأيتهما يخوفان المجتمع والمسئولين من بعض المقلوبين، ممن اعتاد التشويش والتهويش في هذه المناسبة الثقافية المهمة، التي هي عجلة من عجلات النمو الفكري في الوطن، ترعاها قيادتنا الرشيدة، طرحهما القبلي، من وجهة نظري، ليس له داع على وجه الإطلاق، بقدر ما هو مشوش للجهات المنظمة والمشاركة، وبالقدر ذاته، قد يكون يبغي التحرش، الصنف الثاني، ذلك البعض ممن لديه ضيق في الأفق، تراه في كل مناسبة ثقافية، يمد رجله في طريق الموكب النهضوي، الجهات المسئولة عن تنظيم مثل هذه المناسبات والفعاليات الثقافية، لا بد لها أن أخذت في اعتبارها كل الاحتمالات والاعتبارات من خلال خبراتها التراكمية في هذا الإطار، وزارة الثقافة والإعلام، بقيادة ربانها الدبلوماسي النشط، الدكتور عبدالعزيز خوجه، تقود تظاهراتها الثقافية المهولة، بكل اقتدار، رغم ما يحيط بها من تكهنات مهولة، تثبت فيما بعد، عدم تأثيرها، لكن أصحابها، يطلقونها، كالفقاعات من باب التخوف، مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، ومعرض الرياض الدولي للكتاب، وفعاليات الأندية الأدبية، هي مظان وجود هذه الزوبعات والفرقعات، القبْلية والمحورية، التي لا تجد لها قبولاً من كافة أطياف المجتمع، التي تريد أن تغذي فكرها من موائد هذه المحافل الثقافية الكبيرة، وإذا كان ثمة من لا يريد لهذه المناشط أن تنمو في الوطن وتزدهر وتؤتي أكلها؟ فهو بطبيعة الحال، لا يريد لمجتمعه الرقي الفكري، وإنما يريده يعود القهقرى، المهم أننا إزاء هذه التظاهرات الثقافية، التي نفرح بأيامها، بين الفينة والأخرى، نجد من يحاول تعكير صفوها، إما قبل حلولها، بشحن النفوس حولها والتحرش بها، أو في أثنائها، تحت دواع لا مبرر لها، وأكثر من تلحق بهم التهمة، هم أصحاب الأفكار التحررية، وأصحاب الأفكار المتشددة، هذان الفكران، باتا، كالمطرقة والسندان، وضعا المجتمع بين فكيهما، عند كل مناسبة ثقافية، نرى هذا التطاحن وهذا التراشق، يلقيان بظلالهما القاتمة على المجتمع، يصوران المجتمع، ولكأنه في حلبة مصارعة، يجلد نفسه بنفسه، كم كنا نتوق إلى أن يترفّع أصحاب هذه العقول عن مثل هذه الطروحات، التي لا تخدم الوطن، وإن هم ظنوا، ويتركوا مؤسسات الوطن الرسمية، تؤدي أعمالها، وفق السياسات المرسومة لها في نظام الدولة، ويبتعد الجميع عن التحسّسات والتوجّسات القبْلية، التي في الغالب، تكون ضمن حلقات الظنون السيئة، والظن السيئ لا يحيق إلا بأهله، إحسان الظن في مؤسسات الدولة ورجالاتها، أمر مطلوب وفي غاية الأهمية، حتى تسير عجلات النمو، ومنها بطبيعة الحال، عجلة تثقيف المجتمع، والارتقاء به فكريا، فالثقافة ينبوع معطاء، مردوده، يتحقق، تبعاً لفتح مساراته ومساماته، فقط، لنبتعد عن (الاستباق) المغلف بالشحن والتخويف، ونكون مع مفهوم (الاستشراف) المطلوب، وثمّة فرق بيّن، بين الاثنين...ودمتم بخير.

dr-al-jwair@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب