Thursday 27/02/2014 Issue 15127 الخميس 27 ربيع الثاني 1435 العدد

ما ذنبهم حينما نسلب حقهم في الراحة والهدوء

صالح العبدالرحمن التويجري

إن من سلبيات الذوق العام أذى من لا ذنب له؛ ذلك الذي يصيب كثيراً من البيوت التي لا تخلو من المرضى وكبار السن وبخاصة المتقاعدون والأطفال الرضّع، ومنهم دون سن الدراسة وأن الكل بحاجة ماسة إلى الهدوء وتوفر أسباب الراحة، وحينما تبزغ الشمس يحمد القوم السرى فكل من في البيوت يتجهزون لأداء أعمالهم، فالطلاب إلى مدارسهم والموظفون إلى مكاتبهم والتجار إلى متاجرهم والصنّاع إلى مصانعهم والحرفيون إلى حرفهم الكل يبحث عن مصدر رزقه ويبقى في البيوت المرضى وكبار السن والعجزة والكثير من الأمهات والأطفال الرضّع ومنهم دون سن المدرسة هؤلاء ينعمون على فرشهم حتى يستكملوا نومهم وإلى حين وقت استيقاظهم يكون الكل قد أخذ نصيبه من النوم وربما بزيادة خاصة المتقاعد الذي آل على نفسه أن يشبع من النوم بعد الكد والعناء الطويل أربعين من السنين قضاها من عمره في عمله ولكنه أحياناً يُبلى بمن ينغّص عليه حياته ويكدّر نومه ويحرمه لذة التقاعد وذلك حينما يفاجأ بالأرض البيضاء المجاورة لمنزله سيشيد عليها مبنى سكني أو مركز تجاري ليس المهم ما سلف ذكره ولكن المهم أنه من هنا تبدأ معاناة الجيران، ومن هنا يبدأ شقاؤهم ومن هنا تبدأ رحلة العذاب؛ وذلك حينما يبدأ العمل بتلك الأرض البيضاء أو البيت المعد للهدم أولاً فمن فجر كل يوم يبدأ البوكلين بالهدم ولمدة تزيد عن الشهر وقد تصل إلى الشهرين بعدها إن كان هناك بدروم يبدأ البوكلين من جديد بالضرب والتكسير والحفر لشهر أو أكثر من فجر كل يوم حتى صلاة العصر ومن ثم تبدأ ما يسمى بالكمبريشنات لترميم الهدم والحفر والشيولات لحمل الأنقاض إلى ظهور التريلات (القلابيات) حينها تجد أولئك المساكين ناشدي الراحة يحسون بتزلزل الأرض من تحت رؤوسهم وكأن صنّاعاً يطرقون الحديد ونجارين يقطعون الأخشاب من تحت رؤوسهم، أضف إلى هذا تطاير الغبار والأتربة نتيجة الهدم والحفر، فيا عذاب سكان البيوت المجاورة وليس إلى هذا الحد، بل هناك معاناة الجيران من الأتربة التي تكسو جدران منازلهم من الداخل وتغطي كنباتهم وفرشهم، وما إن تتم عملية التنظيف اليوم حتى يتجدد الغبار في اليوم الثاني إضافة إلى المعاناة من عيون العمالة التي تتسلّق بيوت الجيران، وقد تدخل الغرف من خلال الشبابيك والأبواب فيحرمونهم من التمتع بأحواشهم وحدائق منازلهم وفتح نوافذهم لدخول الشمس وتجديد الهواء وفقاً للنصائح الطبية، ولا يكفي هذا فهناك القلابات التي تنقلالأنقاض تملأ البيوت والشوارع التي تمر بها برائحة الديزل الزكية.. هنا نسأل كيف الخلاص وأين الحل وما ذنب أولئك المساكين ليعذبوا بأيدي غيرهم ويحرمون الراحة التي ينشدونها دون أن يذنبوا، وإلى متى تستمر تلك المعاناة، وأين الذوق الذي نسعى إلى الوصول إليه في كل أمور الحياة، وإذا كان البعض يتأذى من رفع أجهزة الصوت في المساجد حين إطلاق الأذان للصلوات الخمس وهي دقائق قد لا تتجاوز الثلاث وفيها ذكر لله ولرسوله وعلى فترات متباعدة فكيف بهم أن يتحمّلوا أذى الساعات الطوال من تلك الآلات الضخمة؟! وأين حقوق الإنسان التي نتغنى بها؟ وإذا كان لا بد من حصول هذا النهج فلا بد من تقييده وذلك بتحديد أوقات لمن يريد البناء داخل الأحياء ولا تستخدم تلك الأجهزة (البوكلين والكمبريشن) إلا في الأحياء الجديدة قليلة السكان رأفة بتلك الحالات السالف ذكرها وأترك النظر بهذا الموضوع إلى من يهمه الأمر، والله المستعان.