Tuesday 04/03/2014 Issue 15132 الثلاثاء 03 جمادى الأول 1435 العدد
04-03-2014

رسالة وزارة المالية للمضاربين

إعلان طرح 15% من أسهم البنك الأهلي التجاري في اكتتاب عام يتوقع أن يمتص حوالي 12 مليار ريال من سيولة السوق رسالة واضحة من وزارة المالية للمضاربين ولعموم المتعاملين في السوق بأنها لن تكرر خطأ عامي 2004 و2005 عندما تركت السوق المالية ينجرف في مسار صعودي غير مبرر، وكان لديها الأدوات المناسبة لكبح جماحه وبالتالي تفادي كارثة فبراير 2006، إلا أنها لم تفعل. على سبيل المثال في عام 2004 وعندما قرر الشريك الأمريكي بيع حصته في بنك سامبا قامت وزارة المالية بشرائها لصالح صندوق الاستثمارات العامة بدلاً من طرحها في اكتتاب عام كان سيسحب 18 ملياراً من سيولة السوق. وهو قرار لم يكن مناسباً تصرفت فيه وزارة المالية كمستثمر في السوق المالية وليس كوزارة مسؤولة عن إدارة السيولة في الاقتصاد، في وقت كانت السيولة الفائضة الناتجة عن النمو السريع في الإنفاق الحكومي تضغط بقوة على السوق المالية وتدفعه لارتفاع غير مبرر. وكان الأولى في ذلك الوقت، ليس فقط طرح هذه الحصة في اكتتاب عام، وإنما أيضا اتباعها ببيع جزء من حصص الحكومة في الشركات المساهمة، مثل شركة سابك والاتصالات السعودية والمصارف وغيرها، إلا أن وزارة المالية لم تفعل ذلك، فتضخمت السوق بصورة أوصلتنا إلى انهيار فبراير. الآن ومع ارتفاع السوق بوتيرة متسارعة يبدو أن وزارة المالية قد استوعبت الدرس فقررت أن ترسل رسالة للمضاربين في السوق مفادها أنها لن تسمح بتكرار ما حدث عامي 2004 و2005 من جديد، وهي قادرة على ذلك إن أرادت، فكل ما عليها فعله هو امتصاص فائض سيولة السوق من خلال اكتتابات ضخمة، وليس من خلال اكتتابات هزيلة كتلك التي شهدتها السوق المالية في السنوات الأخيرة والتي أسهمت في الغالب في زيادة عدد الشركات المتعثرة وأوجدت مجالاً أوسع للمضاربين والمتلاعبين. والحقيقة أن اقتصادنا لا يتحمل انهياراً آخر في السوق المالية وخير وسيلة لذلك هو منعه من المبالغة في الارتفاع من جديد. فاقتصادنا قد دفع ثمناً باهظاً لانهياره السابق، وهذا الثمن لا يقتصر على الخسائر الفادحة التي مني بها المستثمرون في السوق، بل تعداه إلى تعطيل دور سوقنا المالية في النشاط الاقتصادي الحقيقي، لأنه أصبح عاجزاً عن أن يكون مكاناً يستقطب المدخرات بما يسمح بطرح اكتتابات ضخمة لشركات منتجة تعزز النشاط الاقتصادي، نتيجة فقد السوق لثقة المستثمرين بصورة جعلته غير قادر على تحمل اكتتابات ذات بال فتمش دوره التمويلي تماما. لذا ورغم أن الجميع يتحدث عن أهمية أن يكون المتعاملون في السوق قد استوعبوا الدرس، إلا أن الأهم أن تكون وزارة المالية قد استوعبته، فإن كانت كذلك فسيكون المتعاملون في السوق محميون من مخاطره حتى وإن لم يستوعبوا درسه، فمشكلة سوق الأسهم لم تكن أبداً انهياره في 2006 وإنما ارتفاعه الشديد في 2004 و2005. اضطررت للتعليق على هذا الموضوع لأهميته وسأواصل حديثي عن رسوم الأراضي الأسبوع القادم إن شاء الله.

alsultan11@gmail.com

أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam

مقالات أخرى للكاتب