Tuesday 04/03/2014 Issue 15132 الثلاثاء 03 جمادى الأول 1435 العدد
04-03-2014

هروب «العمل» من المسؤولية!

كنا قبل أشهر، نشتكي من ارتفاع كلفة استقدام العمالة المنزلية في السعودية، وكذلك المرتبات الشهرية لهم، مقارنة بدول الخليج، حيث نشر موقع العربية نت قبل عدة أشهر تقريراً يوضح أن سوق استقدام العمالة المنزلية في الخليج يشهد استقراراً وثباتاً في الأسعار وتعدداً في الخيارات ما عدا السعودية، التي يوجد فيها تذبذب في الأسعار وزيادات مطردة، وإيقاف الاستقدام من دول، وفتحه من دول أخرى؛ بمعنى أن ثمة فوضى وارتباكاً في ملف سوق العمالة المنزلية، لم تتمكّن وزارة العمل من حلّه!

ولعل السعودية تعد الأعلى كلفة في الاستقدام، وفي رواتب العمالة المنزلية، لأن الجهة الرسمية المخولة بوضع النقاط على الحروف، وهي وزارة العمل، لم تستطع أن تفعل شيئاً في هذا الملف الذي أصبح أكثر تعقيداً من ملفات السياسة في الشرق الأوسط!

وكان معظم السعوديين ينتظرون حل تجميد استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية، لأنها كانت الأنسب لظروف المجتمع السعودي وتقاليده، وبعد نقاشات وحوارات واجتماعات ومداولات تمخض الجبل عن اتفاقية تقنن الفوضى في السوق، فبعد أن كانت فوضى الأسعار في السوق المحلية للعمالة المنزلية على أشدها، وذلك على يد تجار السوق السوداء، الذين يتاجرون بالعمالة كالرقيق، لحد أن وصلت رواتب العاملة المنزلية إلى أكثر من ألفي ريال، وتزداد في شهر رمضان إلى أربعة آلاف، تديرها شبكة تجار من رجال ونساء، تحت مسميات: أم محمد، وأبو فهد... إلخ. تكرّمت وزارة العمل بتوقيع اتفاقية مع الجانب الإندونيسي، لعودة العمالة الإندونيسية، ولكن مع ترك بعض الفراغات، خاصة فيما يتعلّق بتكلفة الاستقدام، والرواتب الشهرية، التي قالت العمل إنها متروكة للاتفاق بين العميل ومكتب الاستقدام، أي واصلوا الفوضى، وانفلات الأسعار الجنوني، فأنتم الآن تعملون تحت غطاء شرعي ونظامي!

لماذا فعلت وزارة العمل ما فعلت، ولماذا لم تحدّد الراتب المستحق للعاملة، وإذا كان الادّعاء هو أن خبرة العامل أو العاملة هي ما يحدّد راتبه الشهري، فلماذا لم يقنن ذلك، بأن يحصل من ليس لديه خبرة على راتب كذا، ومن لديه خبرة سنتان أو ثلاث فيحصل على راتب كذا، وهكذا تصبح الأمور واضحة جداً وقانونية.

أعتقد أن تهرّب وزارة العمل من تأطير العلاقة بين المواطن والعمالة المنزلية، لا يخلي مسؤوليتها عن كل ما يترتب من علاقات متوترة بين الطرفين، لأنها الجهة النظامية الوحيدة التي تمتلك الحق والسلطة في تقنين العلاقة وتنظيمها بين المواطن العميل، وبين العامل المنزلي.

وحينما توقف استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية قبل سنوات، كان المواطنون يشعرون براحة واطمئنان، رغم معاناتهم من ندرة العمالة المنزلية، لكنهم كانوا يظنون أن وزارة العمل ستحل المشكلة في ظرف أشهر قليلة، ومرت الأشهر والسنوات، والانتظار يطول، والوعود تتبخر، دون أن تظهر شركة ضخمة للعمالة المنزلية، ودون أن يتم حل المشكلة سريعاً، وبشكل يحفظ للمواطن حقوقه.

وبمعنى أو آخر، أستطيع القول إن المواطن بعدما طال انتظاره، أسقط في يده الآن، وخاب أمله، وشعر بالخذلان من قبل وزارة العمل.

مقالات أخرى للكاتب