Friday 07/03/2014 Issue 15135 الجمعة 06 جمادى الأول 1435 العدد
07-03-2014

الشاشة التي اختزلت المسافات.. هل هي نعمة أم نقمة؟

غزت شبكات التواصل الاجتماعي أو ما يُعرَف بالإعلام الجديد عالمنا وأصبحت الشغل الشاغل لملايين البشر حول العالم فكيفما نظرت تجد ذلك الجهاز بشاشته الصغيرة رفيقاً دائماً للإنسان لا تكاد تنفك أنامله من اللعب بمفاتيحه والتسمر أمام شاشته..

ومع ذلك التزايد لهذا الغزو الذي دخل في يوميات حياتنا من أوسع الأبواب.. تزايد التساؤل عن أثر ذلك على السلوك البشري والروابط الإنسانية.. والعلاقات الاجتماعية.. وفي ظل الانفجار التكنولوجي والعصر الرقمي وشيوع الهواتف الذكية برز وبقوة برنامج (واتس آب)كثورة جديدة في مجال تطبيقات التواصل الاجتماعي.. وكحلقة تقنية متعددة الإمكانات والأغراض تُستخدم لتبادل المعلومات.. وسرعة وسهولة توصيل الرسائل بين مستخدميه.. لكن هذا التطبيق الفعال الذي أراد منه مبتكروه تسهيل حياة الناس وتمكينهم من التواصل فيما بينهم في عالمٍ اتسم بتطور سريع في المجال التكنولوجي والرقمي هل تحول إلى نوع من الإدمان لدى المستخدمين إلى الحدِّ الذي يجعلنا نتساءل ترى هذه الشاشة التي اختزلت المسافات وسهلَّت التواصل بين الناس هل هي نعمة أم نقمة في حياتنا. الواتس آب وليد العصر الرقمي والتطور التكنولوجي الذي جمع كل الإيجابيات والإمكانات التي يتمناها أي إنسان أياً كانت اهتماماته أو تخصصه أو ميوله إضافة إلى مناسبته لمختلف الفئات العمرية ومختلف الأذواق والعقول تراوحت التقييمات حوله.. فهناك من يرى أنه خطر على العلاقات الاجتماعية والقيم الأخلاقية.. بينما هناك فئة ترى أنه مدَّ حبال التواصل والتقارب التي أصابها الفتور والتباعد في هذا الزمن الذي يكاد التواصل فيه مقتصراً على المناسبات.. وهناك من اعتبره نعمة وهناك من اعتبره نقمة.. إلا أنه مهما تعددت الآراء أو اختلفت وجهات النظر حول هذا التطبيق وبالرغم من إيجابياته التي ميزته عن غيره من برامج التواصل.. تبقى سلبياته هي المحك الذي يدور الاختلاف حولها.. فمهما كانت إيجابيات هذه التقنية التي خطفت الأنظار تظل سلبياتها مقارنة بغيرها من وسائل التواصل جرس إنذار يهدد حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية.. وفي دراسة حديثة أجراها العالم الأمريكي (لارى روزين) أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا أكدت الدراسة أن الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يسبب اضطرابات نفسية خاصة عند صغار السن وفئة المراهقين ومن ذلك الميول العدوانية.. التغيب عن المدرسة.. ضعف القدرة على التركيز وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي.

فإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي ومن بينها تطبيق (الواتس آب) قد أحدثت بعضاً من التغيير الإيجابي في المجتمعات إلا أنها قلَّصت كثيراً من العلاقات الاجتماعية التي بُنيت على أساسها مجتمعاتنا الشرقية وحث عليها ديننا الإسلامي.. بل أثرت حتى على علاقات ونمط الحياة داخل منزل الأسرة الواحدة.. فبات التواصل بين أفراد الأسرة ليس وجهاً لوجه، بل بنقرة الأنامل.. لذلك من الضروري الوعي بهذه القضية التي تهدد محيط الأسرة وتضرب العلاقات الاجتماعية التي تشكل صمام الأمان بالنسبة للأسر ودعوة إلى عدم الانغماس أكثر في مستنقع قد يُفقِد الإنسان علاقاته مع أفراد أسرته ويبعده عن محيطه العائلي.

حياة الإنسان نعمة وهبة عظيمة منحها الله عزَّ وجل لهذا الإنسان يقول تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَة} «سورة البقرة».. فأين تكمن الأهمية أكثر في حياتنا أم في هواتفنا؟.. فإذا كان التطور التكنولوجي قد أضاف لحياتنا المفيد فقد أضاف المضر.. فهل تعرض حياتك للخطر من أجل كتابة كلمة أو إرسال صورة أثناء القيادة؟.. إن نسبة مستخدمي الهاتف وتطبيقاته أثناء القيادة تزداد بشكل مخيف وما حوادث السير المتكررة إلا بسبب استخدام هذه الوسائل.. النقرة الصغيرة التي غيرت مجرى العالم هي نعمة ونقمة.. ونحن من يتحكم في هذه النقرة وبالتالي نحدد اتجاه بوصلتها.

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب